الخبز رسالة لمن !
توقيت غريب ان تقوم الحكومة في يوم إطلاق الوثيقة الاقتصادية للسنوات العشر القادمة بالاعلان عن توجه الحكومة لرفع سعر الخبز ، ولا ندري اي مستوى من الذكاء السياسي الذي عمل على صناعة هذا الربط في اذهان الأردنيين وكأن الحكومة تقول لهم ان اول ثمار الرؤية الاقتصادية هو رفع أسعار الخبز ، وان هذه الخطة التي لم يتوقف المواطن طويلا عند تفاصيلها تم البدء بها على حساب الخبز بما له من رمزية معيشية عند الناس في كل أنحاء العالم وليس فقط في الاْردن.
ما يتم تداوله في العديد من المجالس ان الحكومة بادرت الى الإعلان عن استعدادها لإنجاز العملية الانتحارية برفع سعر الخبز لمواجهة التوقعات التي تنتشر بان الحكومة يمكن ان ترحل ، وان هذا الإعلان رسالة الى صاحب القرار بان هذه الحكومة لديها قدرات لاتتوفر لغيرها وأهمها استعدادها لأي مهمة ، ومادامت أعلنت انها سترفع سعر الخبز فالاستنتاج سيكون انها ستبقى لتنجز هذه المهمة الصعبة ، اي ان الإعلان عن قرب رفع سعر الخبز وفي مؤتمر صحفي بعد إطلاق الوثيقة كان نوعا من الرسالة ان هذه الحكومة مستعدة لأي مهمة مهما كان ثمنها السياسي او الشعبي ، اي بالتعبير الشعبي بان الحكومة « تدق على صدرها « بأنها جاهزة لأي مهمة ومستعدة لدفع الثمن ، مقابل البقاء، وهذا التفسير الذي نسمعه يمكن ان يخفف من حالة الدهشة لخطوة الحكومة باعلان توجهها لرفع الاسعار يوم اطلاق الوثيقة.
لكن هذا الاندفاع كان اول أثمانه إلحاق الاذى بالرؤية او الخطة الاقتصادية من خلال ربطها في اذهان الناس برفع الأسعار مع ان الأصل انها جاءت لرفع سوية الاقتصاد ومساعدة الناس، هذه الرؤية التي أرادها جلالة الملك عملا منهجيا لادارة الاقتصاد ليكون قادرًا على مواجهة التحديات والمضي الى الامام ، لكن ما قرأه الناس من أهل الاختصاص عنها جعلهم اكثر حيرة مما ستفعله وهل هي خطة او رؤية او اي شيء اخر ، لكن ربما لن يسمع بها الناس كثيرا بعد اليوم.
حديث الحكومة عن قرب رفع اسعار الخبز ليس مناقضا للذكاء السياسي فحسب ، بل ايضا سيزيد الاعباء على الناس مع قرب حلول شهر رمضان المبارك ، فرمضان في بداياته دائما يشهد ارتفاعات للاسعار فكيف عندما يقترن برفع سعر الخبز وما سيتبعه من مواد اخرى مرتبطة به.
الاستدراكات التي خرجت بعد حديث الحكومة بأن ما سيتم ليس رفعا للاسعار بل تغيير لآلية الدعم لن تخفف من تداعيات الكلام الحكومي الاول ، فالمصطلحات المتخصصة لا تعني الناس ، لأن المواطن يفهم ان ما سيتم يعني رفع سعر الخبز بأنواعه وأيضا سلع ومواد اخرى.
استعمال الخبز كرسالة سياسية من حيث التوقيت مع اطلاق الوثيقة او اشاعات التغيير او قرب شهر رمضان ربما يكون فيه « حكمة !! « لا يعلمها الناس لكن ما هو مؤكد أن ما تم فهمه كان سلبيا ، اما الحكمة – ان وجدت – فهي ملك لاصحابها.