الخوف مدرسة والمحاسبة شاملة!
ما يجري حولنا يجعلنا جميعاً نزداد ايماناً بأن الخوف اداة هامة في ردع المسؤول وجعله دائماً يتعامل وفق حسابات دقيقة بعيداً عن الاهمال والفساد والضعف واي سلوك مخالف للقانون. والخوف الذي نتحدث عنه ليس الرعب الذي يصنع التردد والضعف ويُعطل العمل ويحول المسؤول الى جثة هامدة عاجزة عن اتخاذ ما يجب من قرارات ، بل الشعور بالرقابة والمحاسبة.
في عالم السياسة هنالك مبدأ.. «العدالة البدائية»، وهو الذي تمارسه بعض الانظمة القاسية التي تعمل على معاقبة كل مخطئ «ميدانياً»، والمخطئ قد يكون تاجراً تلاعب بقوت وخبز الناس فيتم اعدامه امام الناس، او معارضاً فيتم ايضاً اعدامه بقسوة لردع الآخرين، وهذه العدالة البدائية لا تؤمن كثيراً بالمحاكمات بل ترى ان هذه العقوبات هامة لحفظ الأمن، وهي تعتمد الاساليب البدائية قبل ان تقوم الدول او تكتسب اسسها
الحقيقية. لكن هذا المبدأ لا يتناسب مع اسس العدالة، وربما تستعمله بعض الأنظمة الشمولية او الانظمة التي تعيش مراحل صعبة وحروبا، ولدينا على الصعيد العربي حكامً كان معروف عنهم اعتمادهم مبدأ العدالة البدائية لايمانهم انها الطريقة الافضل لردع المتجاوزين في السياسة والاقتصاد وحتى مع اقرب الناس لهم ان خرجوا عن الطريق.
لكن ما نحتاجه في بلادنا ان يكون هناك حالة ردع وخوف لطبقات المسؤولين، خوف يمنع من التضليل للناس، او ممارسة الخداع للدولة، او حتى الذهاب الى مستويات من التذاكي الرديء الذي يكون على حساب قوة ومصداقية المؤسسات الدستورية، او الهروب من الانجاز الى الشكليات والاستعراض.
الخوف ليس حالة رعب، بل منهجية عامة في المتابعة للأداء تجعل صاحب الخطأ يدفع ثمن خطئه دون الحاجة الى عشرات الفرص ومثلها من الخسائر قبل ان يكون العقاب وقد لا يكون.
وحتى عندما تكون المحاسبة فان شموليتها ضرورية بحيث تصل الى كل مخطئ ، لأن الناس تفرح بوجود نهج الرقابة على المسؤول لكنها تفرح دائما عندما يكون العقاب ايضا في كل المجالات ، لأن السكوت عن خطأ الموظف يستنزف من رصيد المدير ، والسكوت عن خطأ المدير يستنزف من رصيد الوزير.