طـارقٌ عزيـزٌ عـلى بـاب الأردن

لم يُخالف الشهيد الراحل صدام حسين ضميره عندما قال: “ اختبر قراراتي القومية في مختبر الشعبين الاردني والفلسطيني، فهما ضمير الأمة “ وهكذا بقي الوجدان الاردني صافيا حيال العراق وفلسطين، وسمع الاردن نهرا وشعبا طرقات على البوابة، وكعادة الاردن لم يسأل يوما مَن الطارق، فكيف اذا كان الطارق، طارق عزيز، اسما وصفة، خبرناه فارسا عروبيا ورمحا عراقيا اصيلا .
بوابة الاردن مُشرعة، وشيفرة الدخول بسيطة ورموزها بالاحرف العربية الاولى، ولا يحُب الاردن الارقام والرموز، لذا اسقطها من شيفرته، فدخل البوابة كرام صانوا العهد، ودخلوها لئام خانوا الوعد، وبقي الاردن على موقفه صامدا وبقيت بواباته مشرعة، فالحقد مفردة غائبة عن القاموس الاردني، ورياح السَموم يطردها شعبا وارضا، وتلك تأتينا من حواف الصحراء والاضغاث والاحقاد المالحة .
لعله القدر ولعلها البركة التي جمعت قبور أحبة على الارض الاردنية، عالم الحديث النبوي الشريف الشيخ الالباني ورمز المسيحية العروبية العراقية طارق عزيز وايقونة الثورة الفلسطينية جورج حبش، كلهم حضنتهم التربة الاردنية بعزّة ووقار، فعلى هذه الارض تعمّد المسيح عليه السلام ومنها عرج محمد صلى الله عليه وسلم الى السماوات العُلى، وعلى تخومها سيكون الحشد للتحرير .
على هذه الارض، يجلس الاشقاء، يفترشون التراب ويلتحفون السماء ويتشاركون الكلأ والماء، يتسامرون بالعربية الفصحى، ويبكون القدس والشام وما تيسر من عواصم التيه، حماها الله من النفط وحرائقه، وجنبها الله الفرقة على شدة تعدد اعراقها وانسابها، ويسّر لها من يقودها الى الطريق القويم دون سفك وسحل ودم، وقيض الله من يدعو لها بالوحدة صبح مساء، ومن يحملها شامة على الروح .
على هذه الارض، مرّ كما قال الشاعر تميم البرغوثي، التجّار والفُجّار، والنسّاك والأطهار والأبرار، فرحل الدنس وبقي ما يمكث في الارض وينفع الناس، فهي جسد يلفظ ما علق به من نجس، وهي كائن حي، يشعر بأنات المعذبين وهي عين تبكي الشهداء والشرفاء من الراحلين .
على هذه الارض، سهل وجبل وبحر ونهر، وعليها أبحر من الطيب والجود وانهر من الكرم والوفاء، ففيها ملايين الاردنيين الذين يحملون البحر طيبا والانهر جودا وسخاءً، وفيها من المدن ما يُشبع شهية الباحثين عن التعدد والتوحد، وهنا الفسيفساء متلاصقة بصمغ المحبة في مأدبا، ومنثورة كما القمح في سنابل سهول اربد، ومقروءة من اي اتجاه دون عناء كما مدينة العشق القومي “ كرك “ .هنا طريق الهداية في الاسراء وأول الصلاة، وهنا طريق العُماد والعُبّاد من اتباع عيسى وهنا طريق التيه لاتباع موسى، والاهم هنا الاردن، البدوءة بالضم لغة وبالوحدة مسلكا وبالطيب نهجا ومنهجا .
هنا يوصل نهر ما فصله الاحتلال والاستعمار، وهنا، بالضبط هنا، يرقد القادمون بسلام، وهنا يرقد الاخيار من الثوار والعلماء، وهنا يبتسم النهر لطفل عابث، ويرفض البحر اكل لحم طفل زائر، وهنا تُفتح الابواب لكل طارق عزيز .