الله أكبر
في معاني «الله أكبر» دلالات نورانية، خيرة، تجعل هذا التعبير من أهم التعبيرات الدينية لدينا، تعبير وازن يقول الكثير، بل انه يحمل في طياته سرا عظيما.
لكننا نشهد سياسيا توظيفا لهذا التعبير بطريقة غريبة تتجاوز المعنى، فالرئيس السوداني الهارب من جنوب افريقيا، والذي تسبب بصراعات دموية في السودان، وتسبب بتشريد ومقتل وجرح عشرات الالاف، وادت سياساته الى شطر السودان، يعود الى الخرطوم بعد هروبه، حاملا عصاه المسحورة، هاتفا «الله اكبر»!!. لاتعرف ماذا يعني الرئيس بهذا التعبير، وماذا يمكن لكل خصومه وضحاياه ان يقولوا ايضا، وهل من حقهم القول «الله اكبر» في وجه سياساته الى أودت بالسودان؟!.
الذي يذبح خاروف العيد يقول «الله اكبر» والداعشي الذي يذبح مسلما او مسيحيا او اي ملة اخرى يصيح ويقول «الله اكبر» والخصمان في اي حارة يتوعدان بعضهما البعض بالقول «الله اكبر» وكل شعب تحت الاحتلال يقول الله اكبر على المحتل والظالم.
في توظيفات هذا التعبير، مايمكن فهمه وقبوله، لكننا امة افرطت في توظيفه، وبات يدخل في كل شيء، والذين يخرجون في مظاهرة او مسيرة يصيحون بصوت مرتفع «تكبير» فيرد الجمع قائلا الله اكبر، والذي يرى انه على حق يرى في هذا التعبير، دلالة على حقه، فيما الذي يتضرر من هذا الطرف تحديدا يصيح قائلا الله اكبر ايضا في وجه التكبيرات التي تتنزل عليه.
الذي يقرأ معنى الله اكبر، يجفل قلبه من الخشية والخوف، ومن هذا الافراط الانساني في مس هذا التعبير، اذ بات مرتبطا باعلان الغضب او العداوة او الحرب او القتل، وفي الذهنية الغربية يكفيك ان تصيح مازحا في مطار اجنبي بأن تقول «الله اكبر» ليتجمع عليك وحولك الاف المقاتلين المتخصصين في مكافحة الارهاب.
مناسبة الكلام تتعلق بصيحات الرئيس الهارب، وقوله «الله اكبر» فتكاد ان تسأله هل فراره من الاعتقال منحه حق التكبير وحيدا، وماذا نقول عن ضحاياه هنا، واذا مامكان يحق لهم التكبير عليه ايضا، جراء تاريخه المؤسف. ثم انها دعوة للجميع، لتقديس هذه التعبيرات، والتوقف عن الزج فيها، في كل شيء، بعد ان باتت مرادفة لبشاعات الانسان، واصراره على جعلها دليلا على افعاله المخزية، فيما ذات التعبير جليل وعظيم وفوق كل هذه الافعال التي يرتكبها البشر.