لن أحبّك مرّتين
في رواية «لن أحبّك مرّتين» للكاتب الايطالي المغمور «البرتو فارديها» والتي لم يقرأها كثير من النخب المثقفة ولم يسمعوا عنها حتّى ..يصرّ بطل الرواية «مورينو» على إيصال رسائل ضمنية لحبيبته « تيريزا» عبر تصرفاته الفجائية ..لأن حبيبته كما كان يتخيّل لم تكن من النوع العادي ؛بل كل الذي تسعى إليه هو أن يعلن الحب عليها ومن ثمّ تبدأ هي بخلق مبررات الانسحاب لأنها كما كانت تدّعي تريده ليس الآن لذا فإنها تتقدم نحوه خطوة و تتراجع عشرة ؛ وأكثر ما كان يغضبه منها أنها كانت تتفاعل مع كذبها (طبعاً هي لا تسميه كذباً) ..وكانت كلّما نظر للسماء أصرّت عليه إلا أن يعود للأرض لأنها بها ..وعندما يعود تؤنبه : لماذا عدت..؟ بالمحصلة كانت امرأة تعرف ماذا تريد لكنها لا تسعى لما تريد ..وكانت بانتظار الحل الالهي لكي يصبح ما تريده قدراً محتوماً عليها ..!
وفي ذروة التشويق في الرواية ..يتفق العاشقان على الابتعاد ..ويبتعدان عدة أسابيع بنجاح ..لكن (مورينو) يذهب فجأة إلى (تيريزا) في مكتبها الصغير الذي أنشأته لتحميض الأفلام الفوتوغرافية ..تُذهل لمجيئة ..ورغم أنها احتضنته و قبلته إلا إنها كانت تؤنبه : لماذا عدت؟؟ وكانت تبكي كطفلة ؛ إلا أنها تعود و تستجمع قواها كامرأة تريد أن تلعب دون أن تسمي ذلك لعبة ..هو لم يتكلّم كثيراً و ظل يتأمل حركاتها و وجهها ..شعرت بضعفه ..أو هو أراد أن تشعر بذلك ليجعلها تشعر بالانتصار ..ولكنه في ذروة فرحها بذلك ..وكما جاء لمكتبها فجأة ؛ غافلها حين ذهبت لتعد القهوة و خرج فجأة أيضاً ..ليترك لها سؤالاً أكبر من سؤالها : لماذا عدت و لماذا ذهبت ..؟؟!
بالصدفة يلتقي «مورينو» بصديق قديم و يعرف تفاصيل حكايته فيرسل معه قصاصة ورق إلى «تيريزا» مكتوب فيها :قد تتوقعين لماذا عدت؟ ولكنك ستموتين وأنت لا تعرفين لماذا خرجت ..؟ أنا مستحيل أن أحبّك مرتين..!
أيها السادة ..في زمان الكذب هذا ..أشعر بأنني كذّاب ..بل أنا كذلك ..فضعوا كلامي هذا تحت أعينكم وافضحوه.. وإياكم أن تحوّلوه إلى تاريخ صحيح..!!ولكن تذكّروا في غمرة ذلك : أننا أحببنا الحكومات أكثر من مرّة رغم أنها لم تصدق معنا ولا مرّة.