لا تأخذونا بالصوت العالي
منذ جرائم سبتمبر التي وقعت في نيويورك وصولا الى جرائم داعش، فإن الموجة السائدة تريد ابتلاع الناس، تحت عنوان يقول ان الاسلام همجي ولا يصلح للبشرية.
قصف عشوائي، وقصف منظم، يراد منه تنفير الناس من الدين، لوجود نفر من المسلمين يتصرف بهمجية وتخلف، وداعش تحديدا قدمت انموذجا سيئا يتم استغلاله اليوم، من أولئك الذين لا يريدون الإسلام تحديدا ويريدون محو الشخصية الإسلامية كليا.
نشهد يوميا استهزاء بالدين والمتدينين، في الدراما التلفزيونية وفي الإعلام وعبر وسائل شتى، عبر استعمال وتوظيف نماذج محددة، واعتبارها دليلا على أن ذات الإسلام غير صالح، والتذاكي والتسلل الى ذات فكرة الدين لهدمها بات مكشوفا.
الواضح تماما أن هناك كثرة تستفيد من التطرف ورموزه لحساباتها، بحيث يتم توظيف التطرف لفض الناس عن دينهم، لأن غاية هؤلاء ليس ادانة التطرف فحسب، بل الذهاب بعيدا بشكل متدرج وذكي للقول ان اصل كل هذا الخراب هو في ذات الاسلام.
لاتسمع لكل هؤلاء ومنذ سنين صوتا امام أي شيء آخر، لا تسمع لهم صوتا أمام الفساد الأخلاقي، ولا نهب المال العام، ولاهدر الدماء، ولا مصادرة الحريات، لاتسمع لهم صوتا، عند أي مشهد فيه تدمير لبنية المجتمعات، يسكتون ويخرسون، لكنهم يتحولون الى أسود عند أي خطأ يرتكبه متدين، وعند أي نص قديم قد يكون مدسوسا، لاستعماله كدليل على ان الإسلام دين غير صالح، ويتناسى هؤلاء كل القيم الطيبة في الإسلام، من صيانة الجار والضعيف والوالدين ومكونات المجتمع الأخرى، ومن الانفاق والبر، والإحسان الى البشر والشجر، وحرمة الدم الانساني، يتناسون كل القيم الروحية الخيرة، ويضربون لنا أمثلة فقط، بنفر سيء، يتنصل منه في الأساس كل مسلم، وبعضهم يستشهد علينا بنصوص قديمة، ولو سألوا لعرفوا أن ذات علماء الاسلام الوسطيين يشككون اساسا في صدقيتها.
لا تعرف ماذا يريدون.هم لايريدون أي منهج من مناهج الإسلام السائدة. لايريدون سنة ولا شيعة. لا يردون تطرفا ولا اعتدالا. لاهمجية ولا حلما. لا يريدون أي نسخة من نسخ الإسلام السائدة. لا تصوف ولا سلفية. لا إسلاما محمديا. ولا اسلاما غير محمدي ممن ساده العبث على يد البعض. لا يريدون قاعدة ولا نصرة. لا يريدون ايضا سياسة وديناً معاً، ولاحتى دين لوحده، او سياسة لوحدها.
الذي ثبت بالقطع انهم يريدون طرد الاسلام من دياره، وإهانة كل مسلم، وكل متدين، والاستهزاء بكل قيمة، بذريعة انهم على بصيرة والناس جاهلة وغبية ورجعية ايضا.
حسنا. لا تأخذونا بالصوت العالي. إذا كنتم لا تريدون عالما متطرفا ونحن معكم، فأسمحوا إذن لعالم معتدل ان يبرز.الواضح أنهم لا يسمحون لهذا ولا لذاك، وساعات التلفزة كلها مجانا لمن يريدون اختطاف المجتمعات بالاتجاه الآخر، أي بلا هوية او دين.
لا تأخذونا بالصوت العالي وسط هذه المعمعة، لأننا في الاساس ضد التطرف وضد القتل على الهوية او الدين أو المنبت أو المذهب، لأننا لا نؤمن أيضا بأن الإسلام يجيز إهانة البشر، وهو ليس دينا دمويا، لكن بالله عليكم، لماذا تستخدمون كل خطأ، ارتبكه أحدهم، او جريمة قذرة وقع فيها أحدهم، لتعميمها وسحبها على ذات الاسلام، برغم مافيه من قيم نورانية، واضحة كالشمس، لمن أراد أن يقرأ الإسلام عبر النسخة الأصلية، غير المزورة،خصوصا، أن بين أيدينا نسخا كثيرة تم العبث فيها، منذ مئات السنين من أجل هذه الساعة، فكارثتنا ايضا هي في نصوص لا تعرف مدى صدقيتها ونسبها التاريخي؟!.
ثم إن عليكم أن تعرفوا أن موجات القباحة التي تتزين بالتنوير والتي تفكك اسس الإسلام، تحت عناوين مختلفة ابرزها توظيفات جرائم داعش وبعض من يسمون انفسهم بالعلماء، تؤدي عكس ما يتوقعون، أي انها تنتج تطرفا اضافيا، بين الجمهور، من باب رد الفعل!.
هذا القصف العشوائي، سيؤدي ايضا الى مشهد آخر، عنوانه الفراغ الروحي، وعندها سيأتي كل واحد آخر، لملء هذا الفراغ، فلا تسألوا لحظتها لماذا ارتفعت الجريمة، ولماذا ساد الفساد، ولماذا يسود الغضب، ولماذا يجاهر المثليون، بمثليتهم الى آخر هذه الصور؟!.
الإسلام قيمة معتدلة تصون حياة الدول والشعوب ومكوناتها، وتفهم علاقتها الإيجابية ببقية البشر، وبصناعة الحياة والمستقبل ورفاه الناس ،دون تخلف أو تطرف،وغير ذلك إصرار منكم على نفي التوحيد.