شعب اليونان يرفض التقشف
بأغلبية 61% قرر الشعب اليوناني رفض خطة الإنقاذ المقدمة من الدول الدائنة والمؤسسات الدولية ، فماذا بعد؟.
الرئيس الشعبوي للحكومة اليونانية قام بحملة كبيرة لإقناع اليونانيين بالتصويت بلا على أمل أن ذلك يقوي مركزه التفاوضي ويضطر الدائنين لتقديم تنازلات تخفف من وقع التقشف المطلوب ، وفي سبيل ذلك القى عدة خطابات جماهيرية غوغائية ردد فيها شعار الكرامة والعزة وكأنه لا يعرف أنه ليس للمفلس كرامة أو حقوق مدنية وسياسية.
نسبة مهمة (حوالي 40%) من اليونانيين يدركون المأزق الذي وقعت فيه بلادهم ، ويهمهـم أن تبقى اليونان عضواً في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو ، ويخشون أن يؤدي رفض خطة الإنقاذ إلى العودة إلى الدراخما كعملة وطنية بدلاً من اليورو ، والخروج كلياً من الاتحاد الأوروبي لتصبح اليونان دولة منبوذة.
الكرة الان في ملعب كتلة الدائنين ، وعلى رأسهم ألمانيا وصندوق النقد الدولي وبنك أوروبا المركزي ، فإما أن يقدموا تنازلات إضافية بالإبقاء على قدر من البحبحة والسخاء مع المتقاعدين ، وإما أن ينسـحبوا ويعلنوا اليونان دولة مفلسة ، وما يعنيه ذلك من انهيار مالي واقتصادي لا يعرف مداه أحد.
في جميع الحالات سوف يدفع الشعب اليوناني ثمن الرخاء المصطنع الذي سمحت به حكومات متعاقبة رخوة اعتماداً على الاقتراض وكأنه كنز لا يفنى.
الذين أعطوا أصواتهم لصالح خطة الإنقاذ لم يفعلوا ذلك رغبة في التقشف المطلوب منهم ، ولكنهم اختاروا السيئ على الأسوأ.
يراقب العالم تطورات الوضع اليوناني باهتمام ، فهذه أول مرة تتعرض فيها للإفلاس دولة متقدمة من العالم الأول ، فقد كانت الأزمات المالية وخطط الإنقاذ والتقشف من اختصاص الدول النامية التي تغرق حكوماتها في المديونية ، وتواصل الاقتراض إلى أن يقع الفاس في الراس وتعجز عن السداد.
الاقتصاد اليوناني لا يزيد عن 5ر2% من اقتصاد الاتحاد الأوروبي ، وتتراوح مديونيته حول تريليون دولار ، ولذا فليس هناك إمكانية لحل ناجز ، ولكن المطلوب شراء الوقت وترحيل الأزمة.
العملية الديمقراطية (الاستفتاء) في البلد الذي نشأت فيه الديمقراطية ، كانت تنافساً بين المنطق الذي يقرره العقل ، والغوغائية التي قادها رئيس الوزراء اليوناني شخصياً ، ونجح للأسف في جر الشعب اليوناني إلى الهاوية.