الاسلام .. دليل الانسان
( ولَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا).
الإسلام متمثل بالكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة دليل الإنسان لفهم ذاته ولفهم الكون الذي يعيشه , دليل شامل يجعل الإنسان على بصيرة من الفهم تمكن الإنسان من إدراك الحكمة من الوجود ,وتمكن الإنسان من الإجابة على جميع السلبيات التي يتعرض إليها الإنسان , دليل تم ربط فهمه بالعبادة والاقتداء والتوحيد والإيمان والإخلاص لأنه يبعد الإنسان عن أنانيته والمصالح التي لا يمكن أن يتكون منها العمل الصالح ولا العدل ولا حتى حضارة تقوم عليها الأمم ...
إن من أولى أوليات المعرفة أن يعرف الإنسان ذاته وتركيبته من عقل ونفس وجسد, عقل يعقل الأمور له القدرة على التحليل وإدراك الأمور وتمييز الخير من الشر وبعد نظر للأمور , لهذا فان نجاح الإنسان يعتمد على مقدار تفعيل العقل في حياته وتزوده بخير الزاد والمستمد من الكتاب والسنة دليل الإنسان لضبط وتربية النفس المتجسدة في جسد الإنسان المميز في الخًلق عن سائر الخلق تميز يمكن الإنسان من خلافة الأرض من خلال توجيه قدرات النفس الرهيبة اللامحدودة ورغباتها وشهواتها الجامحة والسيطرة عليها ليستغلها ويوظفها في إحياء وتحفيز الغرائز الإنسانية والمقصود منها البقاء وإصلاح وأعمار الأرض واستمرار النسل،وتفعيل العقل لفهم الحياة والكون الذي يعيشه حسب دليل خالق هذا الكون............
إن حقيقة معرفة الإنسان لذاته من خلال دليل الإسلام تفتح آفاق المعرفة لأدراك طريق النجاة من الخوف والحزن كون الإنسان يسير على طريق الهداية حاضره وماضيه ومستقبله واحد, وإن تخيير الإنسان بين الكفر والإيمان سببه تميز الإنسان في الخًلق الذي يمكنه من استغلال ما سخر له إما على نهج دليل الإسلام ليقوم بواجب خلافة الأرض لأعمارها وإصلاحها وهذه هي مقاصد العبادة , وإما إن يستغل هذا التميز في تدمير ذاته والكون ,وهذا واقع الحال الذي تعيشه البشرية من مصائب ناتجة عن عدم الاقتداء بدليل الهداية ,فانهيار النظام الاقتصادي ناتج عن التعامل بالربا وما ينتج عنه من خلل في ميزان خُلق الإنسان و مصيبة تغيير المناخ سببه الجشع وإسراف الإنسان الذي احدث خلل في ميزان توازن النسب والتناسب في الإنسان والكون...........
﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30].إن الله تعالى أودع الجزاء في العمل( الجزاء من جنس العمل ) قال تعالى ( ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ ), فمن اقتد ى بالدليل نجا من الخوف والحزن حفظ ذاته ونسله من التفكك والضياع حفظ امن مجتمعه واستقراره حفظ توازن بيئته التي يتشارك بها الجميع حفظ صحته ،ومن ابتعد عن الدليل ضاع وتاه عن الحقيقة وان كانت واضحة بنورها الساطع (فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا).–(وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً )[الإسراء 46]
إن الكون والحياة قائمة على نهج دين الله تعالى , وان فهم النهج وتطبيقه لا يكون إلا بالإيمان والاستسلام لدين الله تعالى ,وليس لهوى النفس , إن من يحكم الكون هو الله تعالى ,وان كل أمر مقدر لعلمه المسبق، وان ما يعانيه الإنسان والمجتمع والكون هو من عدل الله تعال (عدل فيا قضائك ), إن الخير بيد الله تعالى نناله بالاقتداء والشر من أنفسنا نناله نتيجة الابتداع ........
إن ما نشاهده من ضياع وقتل ودمار للحضارة الإنسانية سواء في العالم الغربي المادي الكافر أو في العالم الشرقي الفقير الملحد ، هو ناتج عن عدم ضبط المادة بخُلق الدين والقيم كما هو في العالم الغربي ،وعدم استغلال المقومات المادية للحياة واتخاذ صورة الدين والتدين بها كما هو الحال في العالم الشرقي ، لهذا فان خروج ماء زمزم قد سبق بناء قواعد البيت الحرام وفي ذلك دليل للإنسان لسبل بناء الحضارة التي تعني الاستقرار في ظل الأمن والأمان لكل أنواع الحياة .....
" قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ )إن من سنن الله تعالى هلاك الشرك والكفر واستبدال العصاة بقوم يحبون الله ويحبهم ,ومن سننه إن الأرض ينالها ويرثها عباده الصالحين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر الذين يصلحون الأرض لكي يستمر النسل وينالوا فرص العيش والاختبار،وهم من ينجيهم الله تعالى كما نجي الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم ......
د. زيد سعد أبو جسار