المصيدة
اطلعت على نسخة من الميثاق الاقتصادي العربي الذي تم إطلاقه يوم الأحد الماضي ، وتوقفت طويلاً عند " التصدير " الذي كتبه سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي ، الذي سبق وأن أطلق الميثاق الاجتماعي العربي قبل ثلاثة أعوام ، إذ يستخدم تعبير " مصيدة الدخل المتوسط " الدالة على حالة عدد من الدول العربية من بينها الأردن ، والتي تعاني من نمو اقتصادي " مكبوح " .
وإذ ينسب سمو الأمير تعبير مصيدة الدخل المتوسط إلى صاحبه " مايكل سبنس " فإنه يشرح أن تلك المصيدة تجعل من الصعب على الدول العربية أن تتنافس مع الدول ذوات الدخل المنخفض من حيث العمالة الرخيصة ، فيما لا تستطيع التنافس مع الدول الصناعية المتقدمة من حيث التكنولوجيا والإبداع .
وفي موقع آخر من الميثاق نجد وصفاً دقيقاً للتحديات التي يواجهها الاقتصاد العربي ، وأولويات نهوض الدول الوطنية ، وصولاً إلى النهوض الاقتصادي العربي المشترك ، وتشكيل كتلة اقتصادية عربية في عالم قائم على التكتلات الاقتصادية ، فالميثاق في حد ذاته نوع من أنواع الريادة الفكرية ، وفيه من المعاني ما يستوجب من الحكومات والمؤسسات العربية دراستها ، والتمعن في مضامينها ، ليس لأنها صرخة من ضمير حي وحسب ، بل لأن الوضع الراهن من دون تجاوزه والتغلب عليه سيعرضنا على المستويين الوطني والقومي حتما إلى ما هو أسوأ مما نحن فيه بكثير !
إن الحقيقة التي نعرفها جميعاً هي أن الحكومات جميعها لم تعد قادرة على إدارة الأزمة - إن جاز التعبير- منفردة ، وأنه من دون شراكة حقيقة مع القطاع الخاص الذي تعتمد عليه الدول الصناعية اعتمادا كبيرا في تطوير اقتصادها ، فضلا عن شراكة مؤسسات المجتمع المدني ، سنظل أسرى تلك المصيدة ، وسيزداد الوهن والضعف والضيق والتراجع ، بينما يتقدم العالم إلى الأمام ، وعلى حسابنا نحن الذين نعيش في منطقة إستراتيجية أنهكتها الحروب والخراب والدمار .
اليوم كلنا يعرف ما هو المطلوب لكي ننهض من كبوتنا ، ولكن يبدو أننا عالقون في مصيدة الكلام والخصام والريبة والشك ، وكل طرف ينتظر من الآخر أن ينهض أولاً بدل أن نقوم قومة واحدة تليق بقدراتنا وعزائمنا وكرامة أمتنا !