سيبقى للفجر طعمه
أنار الله قلوبنا وقلوبكم بالإيمان ، ووفقنا وإياكم للخير والهدى والفلاح ، وثبتنا على الصراط المستقيم السوي ؛ وأبعدنا جميعا” عن وساوس وخطوات الشياطين اللعينة ، وجعلنا وإياكم من الأوابين التوابين ومن الهداة المهدييين ....آمين .
بعد إنتشار الألعاب الكثيرة ودخول وسائل اللهو والترفيه لمجتمعاتنا العربية والمسلمة وبكثافة ، طالت السهرات عند الغالبية ، ووصل السهرات إلى الثلث الأخير من الليل ، وحتى لقد زاحم الأطفال والصبية آبائهم وأمهاتهم ليالي السهر والسمر !!!
أفسدت السهرات الطويلة ليالينا الهادئة الوادعة ، وأخلت بأنظمة الكون الإلهية المرسومة ؛ وحرمت الكثيرين من الأقاوت المناسبة للنوم والراحة ، والخالق جل وعلا يقول في كتابه : وجعلنا النهار معاشا وجعلنا الليل لباسا .... فالليل جعله الله تعالى للراحة وللهدوء والسكون والطمأنينة .
ولكن وبرغم هذا الانقلاب الحاصل في أنظمة حياتتا اليومية ، والذي أفسد علينا كل ليالينا وأخل بمعاييرنا الحياتية ، وبرغم السهرات التي قللت من ساعات نومنا وأكلت من أوقات راحتتا ؛ فيبقى للفجر طعمه ومذاقه وخصوصيته .... فقبيل ساعات الفجر سيتمكن التعب من السكارى والثملين ، وسيتسلل الإرهاق إلى نفوس الساهرين على الخلاعة واللهو والمجون ، وستغلق الغالبية العظمى من الملاهي الليلية ومن البارات والمقاهي والحانانات ؛ وسيخلد كل روادها للنوم وللاسترخاء بعد ليلتهم الشيطانية الحمراء والصاخبة ...
وعندها ستنبدى أمامك الأجواء الإيمانية ، وستنجلي لك الساعات الروحانية ؛ فالفجر هو باب للتوابين والمستغفرين ، هو لحظات للمسبحين والموحدين ، وهو جولة للمجاهدين الصادقين ، وهو ساعة للأتقياء والأولياء ، فعند الفجر سينزوي الباطل وسيغط في سباته العميق ، وسينتفض أهل الحق والإيمان لمناجاة ربهم بصدق وخشوع ....
خلال ساعات الفجر ستجتمع القلة المؤمنة في بيوت الله لتتلو آيات من كتاب ربها بصدق وخشوع ؛ وستحفها الملائكة بالسكينة والرحمة ، وستؤمن لها على كل أدعيتها ، وستشهد لها عند بارئها بكل ما قدمته من خيرات ...
خلال ساعات الفجر سيشعر العابدون والموحدون بلحظات من الراحة والسكون والطمأنينة ، وستنتعش أرواح المؤمنين لنسمات الصبح النقية والعليلة ، وستسعد القلوب والأرواح لأصوات الطيور المغردة فوق الأشجار العالية ، وهي تردد وبأصواتها الجميلة كل الأذكار والتسابيح الصباحية : سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله .... أصبحنا واصبح الملك لله ، والحمد لله لا شريك له ، لا إله إلا هو وإليه النشور .