لبنان
هوا الأردن - عبدالهادي راجي المجالي
أتابع المسيرات في لبنان , حملة ( طلعت ريحتكن) ...ويعجبني هذا الإنخراط الشعبي فيها ...للعلم لبنان يضيف إلى العالم العربي كل يوم شيئا جديدا , وثمة عنصر أنثوي عنيف قليلا في المشهد , فقد بثت الأخبار صورة لبنت عشرينية تقذف رجال الشرطة بالحجارة ... والغريب أنها كانت مثل اللبؤة تنقض إنقضاضا .
في لبنان ينزلون إلى المسيرة , وفي سياراتهم فيروز تصدح :- ( أنا وشادي غنينا سوى لعبنا على الثلج , وركضنا بالهوى) ...أنا مثلا اخر مسيرة شاركت فيها كانت الأغنية المصاحبة لي في السيارة :- ( سمعني صوت الردنية ) ... وفي المسيرة الأخيرة بساحة الشهداء كان مايكريفون (العربية الحدث) يلتقط أصوات حواراتهم وقد التقط صوت صبية تنادي :- ( جمال لك وينا سالي ما عم بترد ع السيليلور) ...لدينا الحوارات مختلفة , اخر مسيرة في ساحة النخيل شاركت فيها كان هناك رجل يرتدي دشداشة , ويقف بجانب ويتحدث على الموبايل سمعته يقول :- ( جبت الجاج ...حط الجاج والحقني ) .
حقيقة أنا معجب كل الإعجاب بهذا النمط , من المسيرات ...بكل الجميلات اللواتي نزلن إلى الشوارع , وأظن أن قلوب من يعملون في السياسة هناك قاسية جدا كيف يستمعون لهتافات كل الجميلات ولا ينفذون المطالب ...لدي سؤال نحن نستورد كل شيء :- السيارات , الماكنات , اللحمة ..كل شيء , هل من الممكن أن نستورد مسيرة من لبنان ...أو على الأقل إلحاقنا , بدورة مسيرات هناك ...
أو من الممكن أن أتطوع في قوات مكافحة الشغب اللبنانية , وأتخيل نفسي واقفا على الحاجز , وتقترب مني ...( سوزان) وتقذفني بحجر , سأصرخ وقتها :- (نو...بليز ما اتكوني ئاسيه ..) ..وليقال أنها ( فشختني) أصلا المثل العامي يؤكد حقيقة مهمة وهي :- ( ضرب الحبيب زبيب) .
أتذكر أن المسيرات التي شاركت بها هنا كمستجد , كان يقترب مني دركي يلوح بالقنوة , وأنا ضعيف في الجري ...وهنا مربط الفرس , هنا الفارق الجوهري ..في التشكيل النفسي للشعوب , ففي لبنان المسيرات تظهر ..لنا حقيقة المساواة والأبعاد العاطفية في علاقة الشعوب ...وأظن أني في هذه الفقرة بالتحديد قد (خبصت) ولا أعرف كيف أوصل الفكرة .
أريد دورة مسيرات في لبنان , من حقي أن اذهب .. من حقي ان اطالب بعدم التهدئة نحن لا نريد تهدئة نريد أن نرى كيف يولد الدفء والحب في بلاد الأرز ...ونريد أن تكتحل العيون , برؤية النشميات هناك يعبرن عن الغضب .
شكرا لبنان ..وشكرا كثيرا , حتى في صراعاته السياسية , حتى في المسيرات حتى في التجاذبات والتقاطعات ...ما زال هذا الوطن قادرا على إنتاج الحب .
أريد أن أذهب لبيروت مشان الله ...