لم نبدأ من الصفر أبداً
ثقة العالم بقيادة دولة كالاردن، هي عمل تراكمي له مواصفاته، ومقاييسه وسلوكه السياسي والفكري، وله مصداقيته، ففي عز الحرب الباردة كان الحسين رحمه الله ضيفاً عزيزاً في موسكو، كما في واشنطن ولندن وباريس.
والآن ينشده البعض من نجاحات عبدالله الثاني في تعامله مع القوى الكبرى الدولية والاقليمية، ويعتقد ان هذه الابواب المفتوحة في وجهه، لا شك انها نوع من الاسرار، او نمط من الذكاء الفردي.. ومع ان هذه الأسرار وهذا الذكاء واردان، بطبيعة الحال،ـ الا ان القاعدة التي ينطلق منها القائد الشاب لها تاريخها، وتقاليدها وعلاقاتها التاريخية منذ ان اقام عبدالله بن الحسين المؤسس هذا الكيان وارسى قواعد الدولة.
ان رحلة جلالة الملك الاخيرة.. ورحلاته التي سبقت، كانت لوجه مجتمع الرفاه والصحة والنماء، فالعالم الذي يستثمر في الاردن يعرف انه لا يخسر، فالصين وكوريا والولايات المتحدة وفرنسا ليست جمعية خيرية، ولا توزع المليارات مجاناً، وانما هي تستثمر بكل ما تعنيه الكلمة: في السياسة والاقتصاد والثقافة، فالاردن لم يكن عبئاً على اصدقائه او على العالم.
تساندنا دول العالم في كارثة اللجوء التي تعم الجوار القريب والبعيد، لان الكرم والكرامة هما سلوك غير خاضع للحسابات الصغيرة، ويكبر الكرم والكرامة الاردنية حين تشرق قارة اوروبا العظيمة بعشرات آلاف اللاجئين السوريين، في حين ان في الاردن منهم 4ر1 مليون، الى جانب ملايين اخرى من فلسطين والعراق وكل قطر عربي اصيب بلعنة الارهاب الديكتاتوري، او ارهاب التطرف الديني والمذهبي.
ودول العالم تساندنا لاننا شركاء في المشروعات الناجحة، فعلى الرغم من التخريب النفسي والاخلاقي الذي يدمر المنطقة، فان هناك ثقة حقيقية ببلدنا، ثقة باستقراره، وامنه، والحياة النظيفة، وأجواء الخير والسماحة في ربوعه.
هناك مليارات من الدولارات الصينية والكورية تم الاتفاق على استثمارها في مشروعات الطاقة والعلم والثقافة والنقل موجهة كلها لتدريب وتعليم القوى العاملة في الاردن، او لاقامة صناعات او لمد سكك الحديد.
ان روح التفاؤل بالمستقبل هي الروح التي نستقبل بها القائد في كل رحلة من رحلات الخير، فبناء الحياة الوطنية عملية طويلة، صعبة، وقاسية، ولكنها الطريق الوحيد للتغيير، وانتقال الاردنيين من الفقر والبطالة الى مجتمع الكفاية والعدل.