ليست داعش
بعد تحالف ال 62 دولة ضد داعش، من السخف ان نعتقد ان انشاء مركز استخباري روسي - ايراني - سوري - عراقي سيضيف شيئاً جديداً لموازين القوى، لا لان داعش اقوى من هذا التحالف.. وإنما لان الحلفاء غير جادين في محاربته، ولهم حسابات غير مصلحة سوريا والعراق والعرب.
المعادلة محلولة «دون كيشوت « الذي يحارب طواحين الهواء، هو الذي يتصدى لهذه الكتلة الارهابية المشتعلة التي تتدحرج من تكريت الى حلب، فلا يوجد عملياً جيش عراقي يرفع سيف المعتصم، ويعترف رئيس الوزراء العبادي - وهو القائد العام - بان هناك خمسين الفاً من الجنود الوهميين الذين تسرق قياداتهم رواتبهم، وان هناك ثلاث فرق في الموصل تهرب من سلاحها، وتتركه لداعش التي تضم اعداداً هائلة من جيش العراق الذي حارب ثماني سنوات، وهزم ايران، وجرّع الخميني كأس السم باعترافه، ففي العراق ميليشيات فقط، بعضها باسم الجيش، وبعضها باسم الحشد الشعبي، وبعضها باسم العشائر - السنّة.
وفي سوريا لم يعد هناك جيشاً سورياً، يدافع عن سوريا الدولة، وإنما هناك ميليشيات طائفية سورية، ولبنانية، وعراقية تدافع عن نظام في طور النزع الاخير.
القتل، والتشرد، والمجاعة في سوريا والعراق لا يسببها ارهاب داعش، وإنما هي فقد مفهوم الدولة، وتحويل النظام الى قوى عارية ليست في مستوى الوطن، ولا هي جديرة بالدفاع عنه وحمل رايته.
والذين يحاولون تحليل ادوار روسيا واميركا او ايران وتركيا في هذا التذابح المجنون، ينسون ان كيانات الوطن حتى سوريا والعراق هي كيانات مصنوعة على يد نظام سايكس - بيكو الذي كان يحكم هذه المنطقة، وهذه الكيانات «تفرط» اذا انهارت الادارة المركزية، والقوة المركزية (الجيش) ولا يمكن اصلاح الكيان الذي فقد مركزية الحكم.. وصار نظامه السياسي حزباً، وصار جيشه ميليشيا.
وزير الخارجية الاميركية كان يتحدث عن سنوات في المعركة مع داعش، والان يتحدث عن اسبوع محادثات مع الروس، اية اعجوبة هذه؟ وإذا كان اكتشف انه من الممكن وضع حل سياسي يكون فيه الاسد مشاركاً لمدة قصيرة، فبأي وجه يقابل الشعب السوري الذي فقد ربع مليون انسان، ودمار مدنه، واقتصاده، وهياكله الحضرية؟ وكيف يفسّر للعراقيين نتائج الحرب التي شنها حلف الاطلسي على عراق حارب ثماني سنوات، وحوصر اثني عشر عاماً حصاراً شمل اقلام الرصاص، وسيارات الاسعاف والدواء؟ أهو هذا المسخ الذي استولده الاحتلال بمحاصصة طائفية تقوم على قسمة النهب والسرقة والفساد؟
ليس داعش، وانما هو التنازل عن كيان الدولة الحديثة، ومقوماتها الفكرية والثقافية.
ليست داعش، وإنما هو الفراغ والخواء!