التاريخ لا يرحم أحدا
والآن بعد أن نفضت أمريكا يدها من وعودها تجاه المفاوضات .. فأمريكا لم ولن تكون منصفة بوعودها لنا كفلسطينيين في تجسيد حقوقنا الغير قابلة للتصرف .. ولكن هذا ما حدث لم نعد بالاستطاعة إخفائها أو القفز عنها فعلا .. وليكن ما حدث عبرة لمن يعتبر..فألاهم يكمن فيما بعد .
فبعد كل ما حدث من انتكاسة سياسية وما لا نطيقه حقا ونستهجن له كمراقبين للأحداث . أن فصائل وحركات فلسطينية متمسكة بي الهدنة المجانية مع المحتل ؟ تحت ذرائع لم تكن موجودة سابقا بل ومستحيلة عندما كانت بعيدة عن الحكم .. على الرغم من حاجتنا الماسة وان لم تعلن رسميا ولن تعلن لعمليات عسكرية نوعية موجعة ضد الاحتلال وذلك لتحريك الأوراق على الطاولة أو على الأقل لتحريك الرأي العام العالمي الذي وصل إلى طريق مسدود أمام قوة وصلف وتبجح الاحتلال..ولن يلومنا احد على اختيارنا طريق العنف المسلح بعد أن نفض الجميع يديه وتركنا أمام غول الاستيطان وصلف ساستهم وعدائهم مرتكزين على مساندة أمريكا لهم من ناحية وبرود جبهتهم الداخلية بكل الأمن والطمأنينة من ناحية أخرى ..
فباعتقادي أن الوقت الحالي هو الأنسب لحركات وفصائل المقاومة المسلحة من البرهنة على أنها لا تعطى هدنة مجانية طالما يتنكرون لحقوقنا الشرعية ويتمادون في إشعال وتيرة الاستيطان وتهويد القدس ..
وإلا سيكسون لا معنى من وجودها أصلا وتكديسها للسلاح إلا إذا كانت أغراضها الحقيقة غير ما هو معلن في حديثها وشعاراتها !! أليس الوقت هو الأنسب حقا لتفعيل معادلة الرعب التي كانت سائدة إبان الانتفاضة الثانية على الرغم من إدراكنا جيدا بان فاتورة الجهاد والمقاومة مؤلمة وقاسية على شعبنا المناضل والمكافح لكن الهدف اسمي فحرية الوطن هي المنشودة وفى سبيله تهون التضحيات ويهون كل شيء من مواكب وقصور ونفوذ حكم وكراسي وأموال وتجارة لأنها ببساطة أمور دنيوية فانية كما أكدتها عقائدنا الثابتة وثقافتنا الإسلامية .. فما بال المقاومة تصبح ثقافة تستشري انتشارا لتصبح مجرد لفظ وشعار لشعبنا الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية على السواء .. وبالتالي فقدنا كل أوراقنا الضاغطة .. فالسياسي أو المفاوض لا يجد ما يقوله أو يضيفه فليس بيده أي شيء يعزز من مناوراته ويقي ظهره ...
فالمقاومة الشعبية لا تفي بالغرض المطلوب في هذه المرحلة بالذات وان كانت تكتسب أهمية في تعزيز تلك الثقافة نوعا ما ومنعها من الاندثار..حيث وصل العالم إلى قناعاته واعترف لنا بحقوقنا الشرعية ونعلم بأنه سيدين عودتنا لخيار العمل المسلح نعم .. لكنه سيدين أكثر من تسبب في العودة له وسيوجه بإصبع الاتهام لمن أفقدنا الأمل في الحلول السلمية .. وستكون سياسات أمريكا ودولة الاحتلال هي السبب المباشر في هذا التحول .
وعليه يتساءل الناس. لماذا التهدئة المجانية الآن ؟ ونحن في أمس الحاجة لقلب موازين اللعبة حيث يقف العالم عاجزا عن تليين الصلف الصهيوني الذي بلا شك قد ركن وهمد وبردت أعصابه وهو يعيش حياة امن وأمان في مناطق سكناه وفى قلب مستوطناته الجاثمة على أراضى فلسطين وفى عقر بيته ...على العكس تماما فأنى أرى أنها ستخلق جدلا عنيفا في داخل أركان حكمه .. وسيحتدم جدال الرأي العام داخل كيان الاحتلال وتطوراته حتما ستسارع في إسقاط حكومة تحالف اليمين المتطرف لديهم جراء ما آلت إليها الأمور سلبا لان الأذى قد وصل ملموسا وبشكل محسوس جراء فشل ونكران حقوق الغير..وعدم مراعاة مطالب دول العالم جميعا وإهدار سنوات طويلة في مباحثات ومفاوضات عقيمة من جانبهم .. تسببت فيها حكوماتهم المتطرفة والعنصرية كونهم لم يصبحوا شريكا حقيقيا للسلام على عكس الجانب الفلسطيني الذي لهث وراء سلام بشهادة كل العالم والذي يكفل للجميع العيش بسلام وأمان وكرامة ..
وعليه فان استمرار التهدئة المجانية،سيخلق حالة إدانة صريحة لدى الشعب .. ولدى الثوار والمجاهدين الحقيقيين .. بل وسترتقي إلى الإدانة التاريخية وبالتالي سيسجلها التاريخ وصمة عار في جبين المتخاذلين..ولن تجديهم كل المبررات الواهية واى كانت الذرائع فالوقت الآن هو الأنسب لخوض المقاومة بكل أشكالها ولن يلومنا احد في هذا الاختيار .. والتاريخ لا يرحم أحدا.
جمال ايوب