رجل من وحل
((( اسوأ ما في الحياة ان يكون خصمك حشرة )))
جلس وحيدا في زاوية المقهى المعتمة تظلله سُحب دخان نفثها زبائن من صدورهم المهمومة، وحجزتها في الداخل ابواب موصدة اتقاءً للبرد القارس .منذ استوى على الكرسي البارد،وهو يحدق في الفراغ .ينفخ دخان ارجيلته كقطار هرم وقوده لم يزل فحم حجري رطب .ما بين كل شهيق وزفير تنتابه وصلة سعال حاده تكاد تمزق رئتيه.رواد المقهى يثرثرون، يتضاحكون،وبعضهم يتهامسون الا هو قابع وحده،ً كشاهد قبر ميت غريب الاهل والدار،لا احدَ يتوقف عنده لقرآءة الفاتحة او يترحم عليه. ملامحه مسطحة بلا تعابير، وعيناه كزجاج بارد تدوران في محجريهما كانهما تنتظران فاجعة،تراه ساكناً كمستنقع آسن راكد تحول الى حاضنة نموذجية للبعوض.حياته رتيبة مملة كدابة تأكل وتنام . احساس قوي يراوده على الدوام بان دوره في الحياة انتهى .اصبح مثل عودٍ بلا اوتار . قطار بلا سكة.اعترف ذات مكاشفة لاحد المقربين منه انه لم يكن سوى ممثل فاشل اخفق على خشبة مسرح الحياة،فما كان من الجمهور الا ان رشقوه بالاحذية. اكثرها إيلاماً كانت فردة حذاء نسائية مدببة الكعب، حفرت ندبة على جبينه حتى صارت علامة فارقة في وجهه.
بطبعه العنيد لم يستسلم لواقعه بل نّصَّبَ نفسه وصياً على عباد الله، لدرجة انه ـ والعياذ بالله ـ يُصّنف الناس حسب هواه ـ هذا الى الجنة وذاك الى النار ـ. .شخصية ضحلة يستطيع السباحة في شبر ماء.رغم ضحالته لفظته الامواج مثل بقعة نفطية تُسمم الكائنات البحرية،الا انه مازال يُكابر انه سيد البحار. اجمل اوصافه ما وصفه صديق عتيق تخلى عنه بعد ان اكتشفه انه : " صعلوك متصعلك امضى عمره يزن الامور بلا ميزان في اصدار الاحكام،و في الالتزامات كطالب قصير النظر اختار الجلوس في الصف وراء الوراء بدل ان يجلس في احد المقاعد الامامية حتى لا يرى اللوح / السبورة، ولا يرى الاستاذ لإعفاء نفسه من الواجبات المدرسية.جاء للتسلية والبحث عن أي لذة عابرة بعيداً عن الزواجر والنواهي، اما ذروة سعادته الوشاية للادارة بزملائه الطلاب. بوهيمي بالمقاييس المتعارف عليها اخلاقياً وسلوكياً.فالزبالة يمكن تدويرها والاستفادة منها،اما هو فمن المستحيلات المستحيلة الاستفادة منه بشيء. بَزَّ الجميع في قلة الادب ورفع اعواد المشانق لمحاكمة الناس غيابياً من دون ان يعرفهم.هو اقرب ما يكون الى دعّي يدعي انه لا يصافح النساء تديناً لكنه ضُبط اكثر من مرة يسترق النظر على الحريم من ثقوب الابواب .
خرج للحياة صفر اليدين،بالكاد يلتقط رزقه،و اكثر الاحيان نصباً . انزوى في المقهى لممارسة مواهبه المفضلة .بالانتقام من الجميع.اسلحته القذرة المحرمة دينياً وانسانياً الافتراء على الناس،الغيبة على مدار الساعة،المشي بالنميمة،ورش التهم ذات اليمين وذات الشمال بمناسبة وبلا مناسبة.ذات صباح،في رحلة البحث عن صديق لامر طاريء،مررت بالمقهى اياه.ما ان وطئت قدماي العتبة حتى ناداني باعلى صوته كي اشاركه احتساء القهوة. اعتذرت بانني مجرد عابر سبيل ولا اطيق هذه الاجواء الملبدة بالدخان ةاللغو.باغتني باطلاق عدة «صليات» من الايمان المغلظة طلاقاً بالثلاث من ام العيال للجلوس معه و الا ستذهب الى دار ابيها.اضطررت تحت وابل رمايته الكثيفة التي تهز الجبال ان اذعن بالجلوس خوفا ً على ام العيال من ابغض الحلال الى الله.عندما اطمأن الى رضوخي، اطلق وصلة ثانية من الترحيب.صفق للنادل فحضر على عجل.طلب جمرة له ولي فنجان قهوة، ثم جال بنظره في زوايا المقهى، يمشطها بعينيه الماكرتين كذئب جائع يجوس المكان،بحثاً عن وليمة.
كانت القاعة تعج بالناس والضوضاء والدخان . استقر نظره في الركن الايسر على شخص حسن اللباس والصورة.سألني بعد ان مط شفتيه باسلوب مسرحي، هل تعرف ذلك الذي يتكوم هناك مثل طاووس؟! اومأت برأسي علامة النفي!! فقال: ان صورته الخارجية مدبلجة كالافلام التركية.بالمظهر الخادع يحاول اخفاء صورته المزيفة.ذروة بشاعة الرجل ان لا يكون الرجل هو ذاته.الشخصية ليست بدلة انيقة،سيارة فاخرة،تسريحة مودرن. هذه "عدة النصابين"، لعبة قديمة ضاربة في السوقية. في الواقع انه بائس ويائس. احب زميلته في العمل حتى كاد ان يصاب بالهستيريا .في الفصل الاخير، توج قصة حبه بالزواج منها، رغم ممانعة امه الشديدة لانها من طبقة عادية مع انها جامعية،خلوقة، ناهيك انها مبدعة في عملها. نهاية المطاف اذعنت الاسرة له لانه الولد الوحيد بين ست بنات .اقام له والده حفلة عرس اسطورية اروع من حكايا الف ليلة وليلة. لم تشهد المدينة مثلها،لكن النهاية كانت كارثية.تبين فيما بعد، ان العريس مصاب بعجز مزمن كعجز الميزانية الاردنية غير قابلة للعلاج.
الاب الغيور اصيب بالاحباط من الانباء الراشحة من النساء المقربات عن اخفاق ابنه المتكرر. اختلى به وسأله عن السبب في هبوط منسوب رجولته، فتذرع بقلة الاضاءة في غرفة النوم، فما كان من الاب الا ان صفعه صارخاً في وجهه: لقد دخلت على ـ الحجة ـ امك في العتمة،وحينما لوحت بالمنديل الابيض من النافذة لاقاربي، اضاءوا سماء المدينة بالبارود. – رجال اخر زمان – لم يبق الا ان تضع لك دائر السير لوحات ارشادية لتعرف الطريق.اخضعه الوالد لعلاج مكثف عند اشهر الاختصاصيين،الا انه لم يفلح .الفضيحة على الضفة النسائية كانت تُسعرها والدة العروس لتنتقم من ام العريس التي تزعمت جبهة الممانعة في رفض ابنتها، عندما تسالها النسوة الفضوليات : حصل إشي ...ترد ساخرة: كيف يحصل وهو ـ زي اختها ـ .استمرار وضع السبات الذكوري عند العريس دفع العروس الى طلب الانفصال بعد ستة اشهر لليأس من تحسن حالته في النهوض من سباته. رفض التفريط بها،فاضطرت الى خلعه بالمحكمة كعشبة فاقدة القدرة على الوقوف.ـ للامانة الزوجية ـ تدوالت النساء المقربات والبعيدات ان العروس بذلت جهوداً جبارة لمساعدته،و كانت متعاونة الى ابعد الحدود..اشعلت له الشموع، اطلقت له الموسيقى المحفزة،احضرت الاطعمة الحارة المتبلة بتوابل هندية حارقة التي تؤكل في مثل هذه المناسبة...لكنه بقي رخواً مُنكس الراس كأنه خسر الحرب العالمية الثالثة.
رشف رشفة سخية من قهوته التي فقدت حرارتها لتورطه بحديث طويل لا معنى له ثم زفر زفرة موجعة.سحب نفساً من ارجيلته التي احترق راسها، ولما لم تستجب، دس يده المعروقة في جيبه.اخرج علبة سجائر مستوردة. انتزع واحدة، اشعلها بعصبية، وراح ينفث دخانها من فمه وانفه، ويرسم لوحات سريالية غامضة.لوّح له احدهم من بعيد بيده محيياً.توقف سيل الدخان المنبعث منه وقال: هذا هو الزمن الخؤون. الم ترَ كيف يمشي ذلك المغرور كديك معتقدا ان الفجر لن يبزغ على المدينة الا اذا صاح فوق مزبلته.اتمنى ان لا يصيح حتى يظل الناس نيام.المواطن امضى عمره على الرصيف بانتظار من يحمله.لم ياتِ الباص السريع بل جاءت ضاغطة الامانة التي ظن عمالها ان المواطن كيس قمامة.فالقوه بها بلا رحمة حتى فرمته شفراتها. لا يغرّنك الوان الديك الزاهية،في الواقع هو ثعبان معبأ بسم زعاف .
اقترب مني هامساً ارجوك،استرق النظر الى الطاولة المجاورة بحركة عفوية. دقق في ملامح ذاك الفارع الطول الذي يلعب طاولة الزهر.يذكرني بـ "عصا مكنسة منخورة" من كثر الاستعمال، و دبقة من كثرة الاوساخ. يتميز بامتلاكه حاسة اقوى من الكلاب البوليسية.طيلة يومه يشمشم على زبون من اهل الدشاديش تفوح منه رائحة النفط والدولارات.السبب انه لا يحبذ الزبون الوطني لانه حسب تعبيره "مش ملاقي خبز"....باختصار هذا الرجل "ديوث".المقبرة تثور احيانا على امواتها، و احياناً تلفظهم من بطنها، لكن هذا ـ الواطي ـ لا يكترث لمن ينتهك حرمات بيته، ويمرغ شرفه بالوحل. تفرس وجهه القبيح ها هو يضحك و يعيش حياة طبيعية رغم انه حاوية عفنه اطهر منه. الغريب في امره ان علاقاته وطيدة مع اغلب كبراء المدينة، لذلك لا احد يجرؤ على الاقتراب منه، وطلباته اوامر.
صمت برهة، ظننت ان مسلسلة قد انتهى، لكنه ما لبث ان نظر الى الطاولة المواجهة له المركونة في الجهة اليمنى،يمتطيها صهوتها عجوز يرتدي نظارة سميكة، منهمك في مطالعة احدى الصحف الاجنبية.همس في اذني اليمنى هازئاً،هذا يساري قديم. تَفحّص هيئته تجده مثل راية مهزومة، بهتت الوانها، وتآكلت ساريتها،لكنه ما زال ممسكاً بها رغم سقوطها في موطنها. الاشجار الساكنة تغير اوراقها،تُسقط اغصانها الميتة،اما هو آثر البقاء في قلعة اليسار المنهارة.فكره قنديل مطفأ نفذ زيته،لهذا يسكن الظلام عقله. حاولت مرةً بسط الحقائق امامه الا انه انتفض كمن لذغه ثعبان كوبرا.اتهمني و امثالي باننا مثل دواب اخر القطيع التي لا تلحق الركب،ولا تُحسن المشي الا بالركل والضرب.. انظر اليه ،احمق يقاتل العالم وحده بضراوة،ودائم التحفز مثل قائد سرب ياباني انتحاري."كميكازي" لحظة الهجوم على الاسطول الامريكي الراسي في ميناء بيرل هاربر. عجوز خرف يعيش على راتب تقاعدي هزيل يحلم بعودة الاتحاد السوفياتي الى سابق عهده على يدي القيصر بوتين.و تدمير سوريا احد اشراط قيام الامبرطورية. ملة الشر واحدة.اليهود يعتقدون ايضاً بنزول المسيح عليه السلام لبناء الهيكل،وتحقيق مزاعمهم بحكم العالم. الا تر معي انهم لا يختلفون عن حلم الفورهر هتلر بان يحكم الجنس الآري العالم .الفارق الوحيد ان اليهود البسوا فكرتهم ثوباً دينياً لاعطائه نوعاً من القداسة .
صرخ زبون شاب من اقصى القاعة طالباً من "معلم المقهى" فتح التلفاز لمتابعة النشرة الجوية. لم يكمل الرجل عبارته حتى قال محدثي : رجل غارق بالوحل حتى ذقنه،يسأل عن الطقس خوفاً ان يلوث حذاءه . لا يدري هذا القذر انني اعرف عنه اكثر مما يعرف عن نفسه.عفن مولع بالعطور ليخفي رائحته. منذ اشهر احيل الى محكمة الفساد بتهمة اختلاس مبلغ كبير من الوزارة و تم لفلفة القضية . اعاد المبلغ وتمت تسوية الامر بمنتهى السرية بينما ادعى امام الناس انه قدم استقالته .الواقع ان ـ والد زوجته ـ رجل نافذ، رمى بثقله لتخليصه من ورطته التي تقوده الى سجن سواقه.تصور جرى مسحها وكأن شيئاً لم يكن ـ هيك البلد ماشيه ـ. النغل يظن انني لا اعرف قصته ...مسكين انا اعرفه اكثر من امه التي بزرته. اخبار الناس تصب عندي كحلاق وحيد في القرية.بإمكاني فهم نفسيات الاخرين،وخبايا طويتهم،بحيث اقرأهم مثل كتاب مفتوح.
تحرك في داخلي شعور عارم في ان اهرس راسه مثل صرصار. ادق عنقه بساطور، اهشم عظامه عظمة عظمة لكن الرجل لا يستحق اكثر من لعنة.ساورتني رغبة شديدة بالانزياح من امامه،و مغادرة المقهى للابد حتى لا ارى سحنة هذا الحشرة .هممت بالخروج من "المقهى المطينة" التي دأب صاحبنا على تطيين الناس من دون رحمة.لكن دخول شاب ملتحٍ قوي البنيان،في عينيه لمعة حادة، طرح علينا السلام بادب جم شدني اليه. جلس على طاولة منفردة في زاوية نائية. اخرج كيس صغير كان يحمله سندويشة وراح يلتهمها. النادل على ما يبدو يعرف طلبه اليومي. احضر له فوراً كوب شاي كبير. لاحظت انه اعطى ظهره للتلفاز بعكس الرواد الذين كانت عيونهم معلقة بالشاشة لمتابعة الاحوال الجوية. قال لي جليسي : هذا الشخص اعرفه منذ ان كان يافعاً .ترك المدرسة لفقره ويتمه. اشتغلت امه في بيوت الاثرياء واشتغل هو وسط البلد باعمال وضيعة، آخرها عمل حارس امن في خمارة النجمة الذهبية لقوته.بسبب معدنه الطيب، التفت عليه مجموعة من اهل الدعوة وعلى ما يبدو ـ غسلوا دماغه ـ .ترك العمل و اطلق لحيته ثم انقطعت اخباره. علمنا فيما بعد انه ذهب للقتال في سوريه الا ان غيبته لم تطل،وحين عودته القي القبض عليه مع زميل له،ثم قرأنا لاحقاً في الصحف المحلية ان محكمة امن االدولة اصدرت حكماً بحبسه لمدة عامين.
قبل اقل من شهرين انهى محكوميته وعاد يبيع المسابح وبعض الكتب الدينية و الاشرطة الوعظية على بسطة امام المقهى. لا يغرنَّك مظهره انه اصبح من اهل التقوى،فقد راقبته من الرصيف المقابل ووجدته مبهوراً بالصبايا الممتلئات،خاصة اللواتي يرتدين بنطلونات مشدودة على اجسادهن ً.الخبيث لا ينظر الى وجوههن متظاهراً بالورع لكنه يتظاهر انه يجري مكالمة فيما هو ينظر اردافهن .ما لفت انتباهي انبهاره بالنساء الكبيرات سناً.فحين يرى احداهن تتورد وجنتاه ويصاب برعشة كأن به مس شيطاني.تفسيري انه يحلم كما يقول علم النفس بالزوجة الام.السبب كما اظن فقدانه امه اثناء تواجده في سوريا.
لا يعقل ان يكون عندنا 96 الف عانس وهذا "المجاهد" بلا زوجة. ادعو الله ان يقيض له من يساعده على اكمال نصف دينه. لمحّت له بالتسجيل في جمعية العفاف للحصول على زوجة بسعر الجملة. رفض الفكرة،ويبدو ان فكرة الجهاد تستحوذ على افكاره.لذلك لا يريد ان يترك خلفه ارملة ويتامى.رجل بمعنى الكلمة عكس ذلك الشاب الذي يلعب الورق بالقرب من المدفأة. لا يخجل ان يرتدي سلسلاً ذهبيا في رقبته مثل الكلاب المدللة. كل يوم يلبس سروالاً اضيق من سابقه،و لا استبعد ان ياتي يوماً مرتدياً تنورة او فيزون. لا تندهش ان قلت لك ان اسم والده كان يدب الرعب في من يسمعه،وتفتح له الابواب المغلقة بلمسة كانه مصباح علاء الدين الا ان المحروس "طلع مضرب المثل في الصياعة والوضاعة".انظر مجموعة من الزعران تتحلق حوله. ظُلم الوالد لاولاد الناس ظهر على ابنه ." ما اغنى عنه ماله وما كسب" والولد كسب ابيه " كما قال سيد الخلق اجمعين " ان اطيب ما اكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه". الاباء يأكلون الحصرم و الابناء يضرسون... ـ "الله يلعن الابن و ابيه".
قبل ان يغلق فمه،تقدم منا سبعيني. عيناه متوحشتان،وحاجباه كثيفان متصلان ببعضهما يذكرك بحيوانات غابة لم تصلها يدُ بشرية، حاملاً خلفه مؤخرة عريضة تغلق حارة ضيقة.سحب كرسياً من ذات الطاولة التي نتحلق حولها بطريقة فظة. قال لي محدثي لا تندهش.هذا زبون مقيم في المقهى، ياتي كل يوم في ذات الموعد منذ اشتعال الازمة السورية.قصته معروفة .باع ارضاً بالملايين.لم يستثمر فلوسه في انشاء مصنع لتشغيل الشباب العاطلين عن العمل،بل وظفها لاشباع شهواته.رجل مصاب بمراهقة متأخرة مرفوقة بجنون هوس بالفتيات الصغيرات دون الخامسة عشر سنة.بعد قليل سيحضر سائق من "اياهم" ومأذونه الشرعي الخاص،وينطلقون الى مخيم الزعتري.الروايات تدعي ان العجوز بين فترة و اخرى يعقد قرانه على فتاة سورية جديدة بعمر حفيداته.وعندما يمل منها يدفع مؤخرها ويتزوج اخرى وهكذا تدور دورة "الزنا الشرعي". ـ فعلاً ناس ما بتخاف الله ـ
تفرست وجه الرجل العاطل عن الوطن الذي لا يتقن الا ثقافة الفتك بالناس..استأذنته بالانصراف. وبجهد جهيد تخلصت منه.شعرت برغبة بالاقياء على طاولته، الا انني آثرث الانسحاب بسرعة قبل ان يفتح سيرة اخرى.التفت الى الوراء و انا أهّم باجتياز الشارع المزدحم بالحركة والحياة والناس.لمحته لم يزل يقبع في زوايته المعتمة، يحدق في الفراغ،و يصنع حلقات من الدخان ينفثها فوق رؤوس الزبائن.ويتنقل بنظراته في القاعة الكبيرة، باحثاً عن جليس يحدثه وآخر يغتابه. انه النموذج الامثل للرداءة،بعد ان فقد دوره في الحياة،اصبح كشجرة ميتة واقفة في منتصف الطريق عاطلة ومُعطلة يجب اجتثاتها ـ اليوم قبل بكره .