من شب على شيء شاب عليه
في مقاله بجريدة "القدس العربي" بتاريخ 14/1/2016 وكعادته التي استمرأها وأدمن عليها حتى باتت تسيطر على ذهنيته التي تنفث انبعاثات جميعنا يعلم مراميها ودوافعها، لا ينفك مندوب هذه الجريدة التي شقت طريقها بين كبريات الجرائد العربية في بلاد الإغتراب عن التأليه والتقديس والمدح المبتذل والثناء الأجوف لبعض أصحاب الأسماء من الشخصيات عامة.
وكاتبنا لا يتورع عن تقزيم وتقليل واختزال دور أسماء شخصيات عامة أخرى جميعنا يعلم تاريخها السياسي والوطني ومدى غيرتهم وحرصهم على أردنهم لكنهم يصطدمون بالقناعة المؤمنة بما يسمى الحرس القديم والحرس الجديد.
من الأسماء التي يألهها كاتبنا ويحاول زجها بمقالاته ليتيح لنفسه مجالا لتمجيدها السيد طاهر المصري وعدنان أبو عودة وخليل عطية ومحمد الحجوج وغيرهم. بينما هو دائم التقليل من شأن أسماء مثل عبد الرؤوف الروابدة مثالا لا حصرا. وآخر الأسماء التي ضمها لقائمة التقزيم كان اسم النائب سليم البطاينة. إذا تعرض الأخير تلميحا لا تصريحا للسيد أبو عودة أو غيره، فبهذا لا يختلف مع كاتبنا في الكثير من التجليات.
من خلال رصدنا لكتاباته يبدو واضحا تمجيده لبعض الأسماء بطريقة توحي أنهم فقط من يمتلك الحقيقة والمعرفة والدراية بالشأن السياسي الأردني وأن ما يطرحونه وحي وطرح غيرهم هراء. الحنكة والحرص والغيرة على مصالح الأردن صفات لصيقة بما يختار من أسماء "تستحق" المديح. وبالأسلوب نفسه ومن خلال اللعب على صياغة الجمل واختيار الكلمات، يحاول كاتبنا التقليل من شأن أسماء أخرى وتقزيم دورهم ونهجهم الوطني وإضفاء ثوب المناكفة غير الفعالة عليهم.
وآخر تجلياته التي تفوح منها رائحة تنم عن انحياز واضح لما دأب على تسميته "بالمكون الفلسطيني" يحاول إقناعنا بصدقية ما يعتقده ويذهب إليه. ففي مقالته بعنوان "ألفاظ «غير لائقة» رداً على سفينة أبو عودة «التي تغرق» و«محاورة بيروقراطية عشائرية» طريفة بين النسور وممثل عشيرة «المجالي»" جعل من أبو عودة إلها قدراته لا تضاهى وبنفس الوقت يهاجم النائب سليم البطاينة ويشهر به ويتهمه بمحدودية معرفته السياسية وعدم القدرة على مواجهة شخص بوزن أبو عودة، إذ يقول:" يعرف عضو مجلس النواب الأردني سليم البطاينة بأن خبراته في السياسة والشأن العام لا تسعفه اطلاقاً عندما يتعلق الأمر بمحاولة الرد أو النقاش مع شخصية سياسية رفيعة المستوى من وزن عدنان أبو عودة رئيس الديوان الملكي الاسبق والمستشار السياسي الأول والوحيد عملياً للمملكة الرابعة في عهد الملك عبد الله الثاني." مما وضع القارئ أمام معادلة تناسب عكسي بين الشخصين.
"سفينة أبو عودة" التي ذكرها المتحيز لأبو عودة، إن غرقت ـــ لا قدر الله ـــ فالغرق سيطال ربانها وملاحيها وركابها حتى وإن لم يذهب أبو عودة هذا المذهب. ربما هي إشارة لوجود عواصف قادمة ـــ جنب الله الأردن والغيارى شرها ـــ نتفق معه بخصوصها.
نسجل للكاتب توقفه عن إثارة النعرات بين مكونات المجتمع الأردني من خلال ما كان يثيره فيما يتعلق بالأرقام الوطنية والتجنيس ومحاولة الإلتصاق بطابور أبو عودة صاحب مقولة "أصحاب الحقوق المنقوصة". كما نسجل له الكف عن محاولة تغطية حقيقة أن بعض من يصطف بصفهم ونصفهم "بالإنتماء المنقوص" مشيا على مقولة أبو عودة نموذجه المفضل ومثله الأعلى.
الإنتماء ولا نقول الولاء لا يتحقق بالشعارات أيها الكاتب الهمام ولا من خلال الخدمة بالجيش ولا بالتنطع للرموز الوطنية ولا بكيل المديح والثناء والتبجيل والتأليه لأسماء نعلم دوافعك لمدحها وإحيائها.
وللإنصاف لا ننكر ولا نتنكر لدور أبو عودة وطاهر المصري وغيرهما في المسار السياسي الأردني في المملكتين الثالثة والرابعة ونتفق معك بوزنهما الثقيل كما يحلو لك وصفهما، لكن المسار السياسي الأردني لم يشبدأ بهما ولن ينتهي بانتهائهما.
ولتعلم أن الأردن ولاّد وتعلم جيدا أن هناك حواشي وبطانات لا همّ لها إلا المصلحة الشخصية تقف حجر عثرة أمام تقدم الكثير من أبناء الأردن الغيورين المخلصين.
فما عليك أيها الكاتب إلا أن تكون متزنا ومتوازنا عندما تتطرق للأسماء العامة وهي معروفة للجميع والجميع يعلم وزن كل اسم. أما أن تستمر بالردح والتجييش والتحشيد وإحياء الأموات، فهذا لن يجديك ولن يجدي نماذجك ولن يجدينا بشيء.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com