باسم سكجها يكتب : فوارق توقيت بين رغدان والرابع والعبدلي
بين الشاشة الالكترونية (المونيتر) التي شرح عليها رئيس الحكومة موازنته، تحت القبّة، والتصويت الالكتروني الذي تعطّل لحظة الإدلاء بالأصوات، تأتي قصّة الأردن الذي صار أبناؤه محتارين بين التقدّم والتخلّف، وبين الإصلاح والإبقاء على الوضع القائم، أو حتى العودة إلى الوراء، فما الذي سيقنع شاباً مُبدعاً بأنّ تطويره لتطبيق الكتروني سيلاقي الاهتمام، ما دامت الأمور تجري على هذا النحو، تحت سقف تجتمع فيه السلطتان التشريعية والتنفيذية؟
وأكثر من ذلك، فرئيس الحكومة يُنهي كلمته الدفاعية عن الموازنة بعد آذان المغرب بمحاولة الاختباء كالعادة وراء جلالة الملك، فيقول: "الآن، جلالة الملك في واشنطن، يجتمع مع المسؤولين من أجل الأردن”، ولأنّنا تابعنا زيارة جلالته لحظة بلحظة، حتى مقابلته مع "السي ان ان”، وبعدها مقابلته باراك أوباما في قاعدة اندروز في طريق عودته إلى عمّان، وحتى وصوله سالماً غانماً إلى حبيبته عمّان صباحاً، تساءلنا: ألا يعرف الرئيس أنّ صاحب الجلالة قد عاد، أو أنّه يعرف ويعتقد أنّ الناس لا تعرف؟
وأكثر، أكثر، من ذلك، فالرئيس لا يترك فُرصة إلاّ ويتغنّى خلالها بـ”الحكومة الالكترونية”، ومؤخراً أعلن بفخر عن المائة خدمة التي شملتها، على أساس أنّ حكومته لبّت رؤية جلالة الملك، ولكنّ ما جرى من تصويت بدائي في مجلس النواب، ضاعت فيه الحقائق، فاختلط الحابل بالنابل، كان راضياً عنه، بل وعلى ما يبدو أنّه كان يعمل إلى الوصول إليه كما تحدثت الأخبار، ممّا جعل الناس تتساءل عن علم الرياضيات، والالكترون، والحسابات، والأردن الجديد، والمنحة الأميركية التي ركّبت نظام التصويت، وغير ذلك.
دولة الرئيس مرّر الموازنة، بعد أن وضع كلّ ثقله من أجل الأمر، ولكنّ ما جرى سيلقي بظلاله على حياتنا السياسية سنوات، وستظلّ التساؤلات مطروحة، وعابرة للحكومات، فما الجدوى من إصلاح سياسي يأتينا ببرلمان "موافقة موافقة موافقة موافقة”، وما الجدوى من إصلاح إقتصادي يأتينا بنفقات ونفقات وديون وديون، وما الجدوى من مبادرات تُشجّع الشباب على الإبداع الالكتروني، في وقت ستتعطل فيه الاجهزة مع أوّل عمل؟
ما حدث كان مؤسفاً، ولا يدلّ إلاّ على أنّ مبادرات الملك الاصلاحية في واد، والحكومات في واد آخر، ففارق التوقيت بين رغدان والدوار الرابع والعبدلي يزيد على ما يمكن للبلاد أن تتحمّله.