الاردن مقبل على مرحلة صعبة
توقع وزير المالية بدء تطبيق اصلاحات مالية في نهاية اذار المقبل التزاما بتنفيذ وصفات صندوق النقد الدولي باعتبارها مكونا رئيسيا من مكونات برنامج الاصلاح الثاني 2016/2018، وهذه الوصفات تتطلب زيادات الايرادات الضريبية في مقدمتها قانون ضريبة الدخل، وتخفيف الدعم الذي يشمل قائمة قصيرة جدا من السلع، وتخفيض مجموع الدين العام نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي ما دون 70 بالمئة مع حلول العام 2021، وهذا الطلب يبدو بعيد المنال مع شهية حكومية للاقتراض محليا ومن الاسواق الدولية، وفي ظل معدلات نمو اقتصادي متواضعة سنويا، وضعف الحكومة في ضبط النفقات العامة من جهة، وعدم قدرة الايرادات المالية تغطية النفقات الجارية كحد ادنى من جهة اخرى.
ان السنوات القليلة الماضية شهدت سياسة مالية غير متوازنة، حيث بالغت في استيفاء الضرائب والرسوم والغرامات بعشرات القرارات المالية، وهذه السياسة المالية ارهقت المستثمرين، وافقرت المستهلكين واضعفت قدرة المواطنين على تلبية مستلزماتهم الاساسية، وادت الى إبطاء الحركة التجارية التي دخلت في ركود عميق،
وكبحت قدرة الاقتصاد على التعافي، وهذا الوضع طال معظم قطاعات الاستثمار.
تعديلات قانون ضريبة الدخل يبدو انها دخلت مرحلة حقيقية تحت مسمى التشاركية مع القطاع الخاص ( حسب وزير المالية ) بالتشاور مع قطاع الاعمال تطبيقا لمفهوم التشاركية مع القطاع الخاص للخروج بقانون عصري يضمن انسياب الاستثمار للمملكة ويحافظ على مستوى ايرادات الخزينة، وهذه الكلمات المزخرفة جوهرها الحقيقي فرض المزيد من الضرائب على الجميع، اما عصرنة القوانين هي مجرد تنميق للكلمات.
الضرائب عندما تتجاوز وظائفها الاقتصادية والاجتماعية تصبح اداة طرد للاستثمارات وكبح للتعافي الاقتصادي، اذ لا يمكن تصور حجم الموازنة اكبر مما هو عليه الآن، وهو اكبر عقبة امام الاستثمار اذ تتجاوز 35% نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي، لذلك لن تستطيع الحكومة والمالية العامة زيادة الايرادات حتى لو فرضت المزيد الضرائب، وبالتالي سيبقى عجز الموازنة على ارتفاع، كما ان الدين العام نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي لن ينخفض حسب وصفة صندوق النقد الى 70%، واعتقد جازما ان الصندوق وبعثاته العتيدة تعي ذلك تماما، وما تقوم به هو تعذيب للاردن والاردنيين، وهي مجرد شراء الوقت قبل اصدار تقارير تؤخر ولا تقدم الاقتصاد الاردني.
السياسات المالية الرسمية لا زالت تنظر عند قدميها ولا تستفيد مما مضى، ولا تستشرف المستقبل، وتُهمل الامكانات المتاحة التي تمكن خروج الاقتصاد من عنق الزجاجة، فالاولوية لضبط النفقات العامة، وتنشيط القطاعات الاستثمارية والاهتمام بالاقتصاد الحقيقي لا الورقي والمالي الذي ادخلنا في دهاليز وشيطنة اصحاب ( الهندسة المالية) من ضرائب وقروض وفوائد ...مجددا نحن بحاجة لسياسات اقتصادية حقيقية.