أبواق مستأجرة
هناك مثل شعبي قديم يقول : (الله يكفيك كذب شاب تغرب ، وختيار ماتت أجياله ) وبالفعل هذا المثل و هذه المقولة تنطبق بشكل كبير على الكثير من الناس ، فعندما كنا نجالس بعض الشباب القادمين من بلاد الغربة مثل أوروبا وغيرها ، كان يصور ويضخم لنا الأمور بشكل جنوني ، فيتكلم عن مغامراته وبطولاته (يعمل من البحور مقاثي) فلو قال: بأن الناس هناك يشربون الماء من آذانهم لصدقناه ... وكذا بطولات وانجازات الحجي خاصة الجسمانية ، حيث كان يقول: بأنه كان يتصارع مع الضباع والأسود و كان يحصد عشرون دونم عدس باليوم الواحد دون مساعدة أحد..
اليوم تغيرت الأمور وتعددت الطرق والأساليب بعد الانفتاح الكبير على العالم ( وبعد احتراق سوق الشاب المتغرب والختيار اللي ماتت أجياله وبعد اختراق تخيلاتهم وأحلامهم وأساطيرهم ) فقد ابتكر الناس وخاصة المسؤولين وأصحاب رؤوس الأموال طريقة جديدة للكذب والعرط على الناس البسطاء لعرض بطولاتهم وانجازاتهم وفرد عضلاتهم وذلك من خلال وضع أشخاص وحاشية من حولهم ( مدفوعي الأجر وممن يحبون بطونهم) من اجل البصم بالعشرة والتأييد والدفاع عن كلام هذا المسؤول او صاحب الجيب المليئة بالقروش ...
فعندما يراجع احد الأشخاص مسؤولاً للحصول على خدمة ما ، يجد هذا الشخص بأن المسؤول محاط بثلة من الأشخاص (المزمرين والمطبلين وماسحي الجوخ ) وإذا ما قام بعرض حاجته ومطلبه تنطح له هؤلاء الأشخاص بالتحليل والتنكيش والتفنيد ، بالإضافة إلى مديح المسؤول وعرض انجازاته الوهمية ، قائلين : ( أبو فلان عمل كثير للبلد ..وأبو فلان عَيّن ووَظّف وسجل ناس كثير بالجيش .. وأبو فلان عمل كذا وكذا...) ويبقوا على هذا المنوال وهذا المديح والنفاق حتى يعيف صاحب الحاجة حاجته.
والأمر الآخر عندما تريد وضع ملاحظة او إشارة و نقد بسيط بأداء ذلك المسؤول يتنطح لك هؤلاء الشرذمة من جديد ويقفوا موقف محامي الدفاع عنه وتصل بهم الأمور للعراك من اجل بعض الدراهم او من اجل لقمة طبيخ او مصلحة خاصة له .
فهذه الأبواق المستأجرة هي من سعت على الخراب والتخريب ، وهؤلاء يكثروا ويتكاثروا في أوقات الترشح والانتخاب لأنها مواسمهم ..فلا نقول إلا كفانا الله شر كل مسؤول او صاحب مال يلتف حوله مثل هذه الأبواق المستأجرة والمنافقة.