آخر الأخبار
ticker المواقع السياحية في الطفيلة تشهد حركة سياحية نشطة ticker في عيد الجلوس .. فعاليات المفرق تحتفي بإنجازات الملك عبدالله الثاني ticker في ذكرى الجلوس .. أبناء العقبة يستذكرون الإنجازات التي تحققت في عهد الملك ticker عيد الجلوس الملكي .. نهج مستمر برعاية ذوي الإعاقة ودمجهم ticker عجلون تسجّل انتعاشا سياحيا خلال عطلة العيد ticker الملكية لشؤون القدس : عيد الجلوس استمرار لمسيرة البناء ticker متصرفية الأغوار الشمالية تدعو لعدم الاقتراب من المسطحات المائية ticker ترامب يعلن مباحثات تجارية بين واشنطن وبكين في لندن ticker ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين إلى 3.2853 تريليون دولار في أيار ticker القسام تعلن تفجير عين نفق بقوة صهيونية من 6 جنود ticker أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو ticker مظاهرات في عواصم أوروبية تنديدا بحرب الإبادة والتجويع في غزة ticker سوريا تعفي الأردنيين من رسوم التأشيرة وسماح الاقامة لمدة 6 أشهر ticker تكية أم علي تباشر بتوزيع لحوم الأضاحي المحلية الطازجة ticker مظاهرة حاشدة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى ticker 100 ألف أضحية سورية تساهم في استقرار الأسعار بمحافظات الشمال .. والعاصمة عمان الأعلى مبيعا ticker ارتفاع رؤوس أموال شركات الصرافة إلى 119 مليون دينار في 2024 ticker تراجع الإعفاءات على رسوم تصاريح عاملات المنازل 80% ticker نقل مجاني لحاملي هذه التذاكر عبر الباص السريع وباص عمّان ticker سوريا تفكك مخيم الركبان قرب حدود الأردن وتنهي "مثلث الموت"

حلوة

{title}
هوا الأردن - غازي الذيبة

لا يخلو الأمر من قصص حب في حياة الفتى الذي يمسك بياقة قميصه المشجر، وهو يركض نحو أحلام معلقة في سقف السماء، لا يطالها حتى الجن.
وها مساءاته المدهونة بزيت القناديل، لا تخلو من لفتة رشيقة لظبي يسرِّح شعر الحقول، أو حجل يتخفى ببطن الجبل، هناك، حيث رأى الريش أول مرة، ريش الحمام والعصافير المتجهمة على أشجار الخوخ والدراق في المحطة الزراعية بمخيم البقعة. 
كان يراقب حراس المحطة، وهو يحاول أن يفتح في أسلاك السياج الشائكة، كوة يمرر عبرها جسده على  حين غرة من الحراس، ثم ينسل لاختطاف حصته من ثمار أشجار المحطة، فيمرق منها كالسهم، ينتزع حبة دراق، أو خوخ، ويعود منتصرا للبراكية.
هو الحب إذن، لا كما ينبغي للسهل أن يتخيل، ولا لعباد الشمس أن يميل بقرصه البارخ في أوراقه الصفراء، حيث ينتصب متهدلا، لا، هو حب مشحون بهدأة القلب واستكانتها لرغبة الفتى في أن يحلق ولو قليلا فوق الريح.
هو، أكثر من حب، ربما، وأقل من تحليق، فيما "حلوة"، تفتح ذراعيها الكبيرين، لتهرس أضلاعه وهو يتقدم منها، مزهوا ببراعته في قراءة كتاب جديد، أثمله حتى الفجر.
لم تكن تعرف منه إلا أنه ابن ابنها، وبكره. ويا لها وهي تتحسس أعلى شفته السفلى، تبحث عن نتوءات شعر غليظ تنبت عليها، فالفتى أصبح حصانا، بصوت أجش.
ويا لها، وهي تدس يدها بين طيات الفراش المرصوص على مسند خشبي قديم، كانت تخرج له منها قطع الحلوى، والفاكهة وبعض القمصان التي انتقتها من جارها بائع الملابس المستعملة لأجله.
لا أعرف لم تهب "حلوة" برائحة اللوز والعشب الآن علي. ليس من مناسبة بعينها هي من تطلق هذا الهبوب، إنها تهب بعيدا عن زاوية الحنين المرهقة، ولست أرغب بأكثر من عناقها الدافئ، ومن ثم، وهي تمسك بيدي لتقودني إلى شجرة الخوخ في حاكورتها الصغيرة، لتريني ثمراتها المخضوضرة.
أي بداهة تلك التي كانت "حلوة" عليها، وهي تعلمني كيف أعشق النبات، وأهذب علاقتي مع الطيور، وأنتقي مفرداتي حين أتحدث مع أحد؟
ويا لها من باذخة، وهي تفتح صندوق الحكايات لتلقي علي كل مساء حكاية، تتفتح في رحابها مخيلة الفتى على فضاءات لا حدود لها من الأحلام والتوقعات.
كنت أتسمر في بهاء سردها العميق، أتساءل عما يجعل هذه الجدة الكبيرة، سيدة للرحابة والكلمات. ذاك بذخ بت أحلم بأن أصغي له بعد ان رحلت عني أمهات عديدات، كن يلاحقنني بدعواتهن المعطرة بالحب والسلام، وأنا أحمل حقيبتي المدرسية، لاهثا وراء الكتب والقيظ، وينسجن لي كنزات الشوق دفقات القلب.
أتذكرها الآن، كما لو أنها تحوم مثل طيف سماوي، يحتدم فيه الطهر والندى، فيستيقظ الفجر، كانت تلملم الفتى القادم من عمان، ليريح أحلامه في برية المخيم المنهكة، بالصفيح والخذلان الأبدي. 
تلك "حلوة"، جدتي، المرأة التي كانت تحمل اسمها بهدوء وهي تشذب تينة البيت، وترش عليّ السكر حين ألقي برحالي في براكيتها، مستنجدا برحابتها من ضيق بيتي الواسع.
أتذكرها الآن، لأنني ما زلت عصيا على التوقف أمام أي سنديانة لا تبعث رائحتها على التعلق بجدائل الضوء، وأغاني العشاق، وخرافات الجن والسحرة المهزومين ببطولات الشعراء.
ياه، يا "حلوة"، كم أشتاق لاستهلال صغير من استهلالات حكاياتك البرية، وهي تجعل من قصص الحب، فتنته التي ما يزال معلقا بها إلى اليوم.

تابعوا هوا الأردن على