ما بعد بروكسل!
إذا ما صحت تقارير استخباراتية وإعلامية، إقليمية وعالمية، كما تحليلات مراقبين، بأن "عملية بروكسل" الإرهابية قبل أيام، قد جاءت ثأراً لاعتقال المشتبه به الرئيس في اعتداءات باريس، صلاح عبدالسلام، المنتمي لتنظيم "داعش" الإرهابي، يكون ذلك منذرا بكوارث قد تحصل في عواصم ومدن دول إقليمية وعالمية أخرى، وليس الأوروبية منها فقط.
وهذا الأمر يتطلب رفع درجة الحذر إلى أعلى مستوياتها، بجميع الاتجاهات وعلى مختلف المستويات. فعصابة "داعش" تملك من القوة والخبرات ما يؤهل أفرادها لنقل ساحة القتال إلى عواصم ومدن عدة في مختلف مناطق العالم، ولديها القدرة على تدبير عمليات واسعة، وخير دليل وإثبات على ذلك التفجيرات الانتحارية التي وقعت في العاصمة البلجيكية بروكسل، ومن قبلها العمليات الإرهابية التي شهدتها فرنسا.
فأوروبا، التي تمتلك أحدث التقنيات في العالم ولديها أقوى الأجهزة الأمنية، يتم اختراقها من قبل ذلك التنظيم. كما يؤكد مسؤولوها بأنه ما تزال هناك خلايا إرهابية نائمة في كل من فرنسا وبلجيكا تشكل خطراً.
من ناحية أخرى، يجب علينا الإجابة عن سؤال: من المستفيد حقاً من مثل تلك العمليات التي أقل ما يُقال عنها أنها وحشية همجية، يريد بها المتطرفون تشويه صورة الإسلام والمسلمين؟ فأي ديانة على وجه الكرة الأرضية تدعو إلى قتل أبرياء؟ ورب العزة يقول في محكم كتابه الكريم: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ".
ولمصلحة من يتم استهداف بلجيكا بتفجيرات انتحارية راح ضحيتها العشرات من الأبرياء ما بين قتيل وجريح؟ فهذا البلد الذي يضم نحو 700 ألف مسلم، يعتبر من أكثر البلدان العالمية دفاعاً عن القضية الفلسطينية وحقوق أبنائها.
ولمصلحة من أيضاً يتم استهداف باريس بتفجيرات إرهابية، يذهب بها أبرياء فقط، وهي عاصمة فرنسا التي يدخل 50 ألفاً من أبنائها سنوياً في الديانة الإسلامية؟
ولماذا لا تقوم الدول العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي لم تتعرض ولاياتها الـ50 لأي هجمة إرهابية على يد عصابة "داعش" منذ ظهورها، بوضع خطة جادة حقيقية تطبق على أرض الواقع لاقتلاع هؤلاء الإرهابيين من جذورهم؟ فالمسؤولون الأميركيون، وعلى رأسهم وزير الخارجية جون كيري، ما يزالون يصرحون ليل نهار بأن القضاء على "داعش" يحتاج إلى وقت!
من ستكون العاصمة التالية لجرائم إرهاب "داعش"، خاصة بعد مقتل حجي إيمان، المشرف على العمليات المالية في هذا التنظيم الإرهابي؟