سري نسيبة والخيار الاردني
عندما حاورت دنيا الوطن المفكر سري نسيبة وتحدث عن الخيار الأردني كحل واقعي مطروح حالياً بعد فشل كل الحلول السابقة بما فيها خطته المشتركة ايضاً فتحت تصريحاته غزيرة وبات الخيار الأردني مطروحاً في الصورة .
القضية الفلسطينية كانت ولا تزال هي اساس الصراع في المنطقة ، وما لم يستجب العدو لقرارات الشرعية الدولية ، ويعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ، وعودة اللاجئين ، فستبقى المنطقة عرضة للانفجارات والزلازل ، ولن تستطيع الصهيونية بكل ما تملك من قوة وترسانة سلاح متطور ان تفرض شروطها بالقوة وان تجبر الفلسطينيين على الموافقة على املاءاتها ، وهذا ما ثبت وتأكد عبرالعقود الماضية ، وما عبر عنه جلالة الملك عبدالله الثاني بكل وضوح واكد ان طي ظلال النكبة لن يتحقق الا بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
لا يختلف الموقف الرسمي والشعبي الذي يضم جميع اطياف الشعب الاردني في رفضه المطلق لكل المخططات المشبوهة التي تطرح حاليا خفية وعلنا من قبل اوساط العدو وترفض بشكل قاطع قيام دولة فلسطينية مستقلة على كامل التراب الفلسطيني الذي وقع تحت الاحتلال وعاصمتها القدس .
وبقدر وضوح الصورة والموقف الذي اعلنه جلالة الملك عبدالله الثاني في اكثر من مناسبة وعبّرت عنه الحكومات الاردنية المتعاقبة ضمن سياسات ثابتة وواضحة الرافض لكل اشكال وطروحات الوحدة او الاتحاد بعناوينها واسمائها المتعددة وعدم التورط او القبول بأي حل للقضية الفلسطينية على حساب الاردن الذي يعتبر ان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس مصلحة اردنية عليا.
فان المطلوب هو ضرورة وجود تحرك فلسطيني لا يختلف في رفضه واستنكاره ومجابهته لمثل هذه المخططات والطروحات التي تستهدف الوجودين الاردني والفلسطيني معا , لان الشعب الفلسطيني يدرك خطورة ذلك وهو على دراية تاريخية وواقعية بحقيقة موقف الاردن من القضية الفلسطينية ودفاعه عن الوجود والهوية الفلسطينية وجهوده من اجل المحافظة على الحقوق الفلسطينية وارض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
ان الشعب في فلسطين والشتات مدعوون للتصدي لمثل هذه الطروحات لانهم يعلمون ان اشقاءهم في الاردن ليسوا اقل وطنية او تشبثا بالحقوق منهم وان محاولات العدو وحلفائها في المنطقة والخارج لن تفلح في مساعيها لتحميل الاردن مسؤولية حماية العدو الصهيوني وامن العدو في فلسطين .
وفي هذا الوقت بالذات الذي يشهد تراجعا في مسيرة العملية السلمية وفشلا واضحا في وضع المفاوضات الفلسطينية الصهيونية وبروز التحليلات والتوقعات الناقصة والبائسة في وسائل الاعلام التي توحي بضرورة ان يتحمل الاردن المسؤولية في الضفة او في القطاع عن طريق قيام شكل من اشكال الوحدة بين الاردن والضفة وبين القطاع ومصر فانه لا بد من التأكيد على الحقائق التالية.
- لن يقبل الاردن تحت اي ظرف كان قيام اي شكل من اشكال الوحدة او الاتحاد قبل قيام دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.
- ان حل الدولتين هو مطلب اردني وهو احد ركائز الاستراتيجية السياسية الاردنية في متابعتها ودعمها للمفاوضات الفلسطينية الصهيونية الحالية كما ان استمرار العدو في بناء المستوطنات من شأنه تعطيل المفاوضات والعملية السلمية وفي هذا تهديد لأمن الاردن ومصالحه الوطنية العليا.
- ان الانقسام الفلسطيني القائم لن يساهم في حل القضية الفلسطينية ولن يقدم اية خدمة للعملية السلمية او المفاوضات بين العدو والفلسطينيين , لكنه يشكل عامل هدم لكل الجهود والنضالات الفلسطينية عبر العقود الماضية وسيكون العنصر الاساسي في تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة العدو الصهيوني بالكامل.
- ان فشل المفاوضات الفلسطينية الصهيونية في الوصول الى اتفاق لاعلان قيام الدولتين واستمرار الانقسام الفلسطيني بانفصال غزة عن الضفة واستمرار العدو الصهيوني في بناء المستوطنات وعدم حل قضية اللاجئين من شأنه تهديد الامن والمصالح الاردنية الحيوية العليا بصورة خطيرة.
- ان مواجهة هذا الفشل وهذا الانقسام هو مسؤولية الشعب الفلسطيني بقياداته المختلفة وبمواقعه المنتشرة في كل العالم وعلى الفلسطينيين الوقوف صفا واحدا في وجه ذلك لحماية مصالح وحقوق مستقبل الشعب الفلسطيني.
- وعلى الاردنيين بكل اطيافهم ان يرفعوا اصواتهم ويعلنوا موقفهم الواحد من هذه الكارثة المقبلة والتي لن تقف عند حد اذا سمحنا لها وسيكون المنتصر الوحيد فيها هو العدو الصهيوني والخاسر نحن ونحن فقط الاردنيون والفلسطينيون .
- الوحدة قبل إقامة الدولة الفلسطينية هي مصادرة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ، وربما تؤدي إلى الإنهاء التام لفكرة الدولة الفلسطينية وهذا ليس ابدا في صالح الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني ويلغي حق العودة والتعويض نهائيا .
- الوحدة قبل إقامة الدولة الفلسطينية هي مدخل لمساعدة العدو على التنصل من التزاماتها الدولية ويحمل الأردن عبء حل القضية الفلسطينية ما يؤدي في النهاية إلى دعم الوطن البديل والحل الأردني كما يريده متطرفو اليمين الصهيوني .
- ما زالت التيارات السياسية في فلسطين منقسمة حول الحل النهائي للقضية الفلسطينية. القيادة السياسية في السلطة وفتح تؤمن بحل الدولتين ، بينما بعض التنظيمات العسكرية في فتح والجبهات وحماس والجهاد الإسلامي لا تزال قناعتها بهذا الحل ورغبتها الحقيقية في تجاوز هذا الإطار إلى التحرير الكامل للأراضي المحتلة في العام 1948. وإذا كانت الدولة الأردنية تتناسق في رؤيتها مع قيادة السلطة فإن هناك اختلافات هائلة وجوهرية مع التنظيمات الأخرى مما يجعل الدولة الأردنية في حالة صدام مع تنظيمات سياسية فلسطينية لها رؤيتها المختلفة ستكون جزءا من دولة الوحدة .
وبعد قرار فك الإرتباط في العام 1988 وبعد الانتفاضتين الفلسطينيتين نشأ جيل جديد في الشعب الفلسطيني يتميز بالحس العالي للمقاومة والطموحات والآمال الهائلة في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وقدم هذا الجيل الكثير من التضحيات من أجل تحقيق هذا الطموح ولن يرضي الوحدة قبل إقامة الدولة الفلسطينية مع الأردن لأن هدفه الرئيسي هو الدولة الفلسطينية.
كما أن هذا الجيل إضطر وبسبب العدوان الصهيوني المستمر إلى المقاومة وتم إنشاء العديد من التنظيمات والفصائل المسلحة المختلفة والمتباينة في توجهاتها إلى درجة المواجهات المسلحة وهذا ما قد يجعلها في حالة مواجهة تشبه الكابوس مع الأجهزة الأمنية الأردنية في حال تمت الوحدة قبل إقامة الدولة الفلسطينية .
- لقد أكد الاردن بقيادته وحكوماته ومؤسساته وشعبه انه سيكون لفلسطين وشعب فلسطين ولن يتخلى عن واجباته ومسؤولياته القومية والإسلامية تجاه شعبها وارضها ومقدساتها ولكنه لن يسمح بان تستبدل فلسطين بالأردن او الاردن بفلسطين لان فلسطين هي فلسطين والأردن هو الاردن وآن الاوان للعقل الصهيوني ان يتخلص من احلام الشعب المختار واوهام ارض الميعاد .