هيبة رؤساء الجامعات
هل فقد رؤساء الجامعات هيبتهم بأيديهم، أم أن هنالك سياسة غير معلنة بافقادهم إياها، أم ان أساليب التعيين والصلاحيات هي من اوصلت رؤساء الجامعات كما بدأوا يشعرون انهم فقدوا هيبتهم، وغابت عن اعينهم ملامح سلطة الجامعات، وهل يمكن ان نسلم جدلا ان قصة تعيين رؤساء الجامعات خلال الفترة الماضية هي من انتزعت عنهم شعور الامان والهيبة اللذان اصبحا وجهان لعملة واحدة فمن فقد امان المكان، لا بد سيفقد هيبة الحضور والمنطق والحراك نحو الايجابية.
ما قصة هيبة رؤساء الجامعات التي اصبحت متداولة بكثافة الان، واصبح الحديث عنها لغة الشارع والصالونات، لنوحد معا قبل الخوض معنى الهيبة، التي لا يمكن الا ان نجد لها تعريفا من قبلنا اولا وكيف يراها رؤساء الجامعات، هل هي بموكب سيارات وحراسة من قبل حرس الجامعة، وهل بمكتب فخم وضخم، وهل يمكن ان تكون بالدرجة الاولى على متن الطيارات التي بالفعل تم انتزاع هذا الحق منهم خلال السنوات الماضية، وهل من الممكن ان تكون الهيبة من خلال قرارات تعسفية او حازمة بحق موظفين واساتذة داخل الجامعة، وهل من الممكن لهيبة تكون بتعيينات ليس لها حدود.
هيبة رؤساء الجامعات هي بمثابة تعريف حقيقي للسلطة الايجابية وللقرار العادل المدروس الذي يعمل لصالح الوطن والطلبة والهيئة التدريسية ونماء الجامعات، التي لابد ان تصاحب كل استاذ جامعي يطمح ان يكون رئيسا لاي جامعة، وان يمتلك كل رئيس جامعة موجود بالفعل كل مفاتيح الهيبة والنجاح الذي تجعله وان سار على قدميه باي بقعة داخل الجامعة او خارجها يفرض هيبته وتتخطى قدماه حاجز الهيبة والقوة الايجابية وكرامة الشخص والمؤسسة والامة.
هيبة رؤساء الجامعات شارك بتغيير وجهتها الرؤساء انفسهم عبر مجموعة من السلوكيات غير الفعلية التي يسنها الرؤساء عبر مسيرتهم باربع سنوات طويلة قد تحسب بالايام والساعات والدقائق لاعمال وبصمات تركها هذا الرئيس او غيره، تشهد لها مدرجات الجامعات وساحاتها وعيون طلبتها وكراسات اساتذتها، وتشهد لها صناديق العمل والاستثمار وادخال اموال الى خزينة الجامعة، وبذل كل التفاصيل لاخراج الجامعة عن سكينتها والنهوض بها الى مصاف الدول العريقة الراقية اكاديميا.
لا يمكن ان نتجاوز ان قصة الهيبة لدى رؤساء الجامعات الاردنية قد غابت وخف وهجها قليلا وتراجعت واصبحت لقمة سائغة قد تكون بيد وزير او سلطة تنفيذية او اقلام كتاب او حتى تعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي داهمت صمتنا وقلبت الاوراق وحولت الراي العام نحو طريق اخر محفوف بالتساؤلات المشروعة بحق اي كائن، فكيف وان كان رئيسا لحرم جامعة اردنية ايا كان موقعها او جغرافيتها او عدد طلبتها، لكنه رئيس فعلي يمتلك قرارا بحق ما يزيد عن 40 الف نفس بشرية.
هيبة رؤساء الجامعات اصبحت الان ضوءا خافتا بلا ملامح وبلا صخب، وهي الان تتمترس في صفوف بعيدة عن هؤلاء الاشخاص الاعتباريين الذين تتلمذنا على ايديهم، وكبرنا على صدى صوتهم، وحفظنا بعضا من عباراتهم الشهيرة، وخرجوا وزراء ورؤساء وزراء وشخصيات لامعة بالمجتمع.
فقدت هيبة الرؤساء لا بل بدأ يخفت بريقهم، في عام تم اتخاذ قرار فيه بتغيير سبعة رؤساء جامعات اردنية بقرار واحد ودون الرجوع لاي جهة لا بل اتى القرار ليفاجئ الرؤساء انفسهم قبل المواطنين، ومضى مرور الكرام ليفتح اي رئيس منهم عينيه في هذا الصباح ليجد نفسه رئيسا لبيته فقط وابنائه، وتراكمت الاحداث ويتخذ قرارات غير مفهومة بحق رئيس شارف على انتهاء ولايته لجامعته ستة اشهر او يقل ليتخذ قرار بتنحيته عن تلك الجامعة، واخر تنسحب منه رئاسة الجامعة لاسباب مدفوعة من اصحاب سلطة بعد سلسلة قرارات عادلة اتخذها بشان مئات الطلبة، ليجد نفسه بمكان اخر !!! والان الرئيس رهين المحبسين بقرار مجلس امناء وتنسيب مجلس تعليم عالي ورهين ايضا بامزجة اشخاص داخل مجلس التعليم العالي.
وما اعاد قصة الهيبة الى غير مكانها، ما لازم الجامعات من ازمات مالية متعاقبة وكبيرة ورفع يد الحكومات بلا مبرر عن مؤسساتها الاكاديمية، ليجد الرئيس نفسه الان امام مأزق دفع الراتب بداية كل شهر، والكارثة المالية بمكافأة نهاية الخدمة التي هي حق مشروع للاستاذ الجامعي، وصناديق الادخار، التي اصبح الرئيس غير قادر على ايفائها التزاماتها، تحت اي ظرف وتحت اي مسمى، فاصبح الان بلا ملامح تمنعه من منح موظفيه واساتذته حقوقهم المالية، فمن اين سيتنزع الهيبة وقتها؟؟
الاحاديث انقلبت وتحول منحاها ليكون اكثر دقة وشفافية، لكن يبدو انها لم تجد لاحد عندها مفهوم او قراءة او قبول، فلا مؤسسية مقبولة، ولا لجان تدرس الواقع بوضوح، وفهم لدى الجميع، ليعود الرئيس مرة اخرى تحت دائرة خطر تجديد فقدان الهيبة التي ادت به الى الانتظار والتساؤل والفراغ النفسي داخله، كيف سيكون الغد، وكيف سيتم تقييمه، وما هو مصيره، بعد الانتهاء من التقارير، وكيف ستكون الامور والى اين ستتجه، في ظل تجاذبات اعلامية مختلفة احدها يرفع من شأن هذا الرئيس وغيرها تطيح به الى اماكن اخرى غير واضحة.. ولا افق ايضا واضحا.
ماذا حصل الان، وهل ما تفكر به وزارة التعليم العالي ووزيرها صاحب طموح تأطير المؤسسية والشفافية، سينجح باعادة هيبة فقدت لسنوات لرؤساء الجامعات، بالقرارات القادمة، هل ستعيد لجنة تعيين رئيس الجامعة الاردنية القطار الى طريقه الصحيح، بعد ان اطاح الاسلوب الذي اتبع اعلاميا وداخليا ومؤسسيا بالرئيس السابق للجامعة، من خلال الالتقاء باسماء معروف مسبقا بانها لا تحمل الود داخلها لشخصه، وهل كانت الوعود بالتمديد له من قبل اصحاب قرار بالدولة ايضا جرعة تخدير، وهل منعه او الطلب منه بان لا يقدم استقالته، جزء من قصة كسر الهيبة، وعدم الابقاء على اطار مفهوم الهيبة والكرامة داخل حرم الجامعات، وهل كان هنالك حق بكل ما فات، رغم ان تقريري رئيسي جامعتي التكنولوجيا والاردنية كانا لصالح التمديد للرئيسين لكن ما حصل هو عدم التمديد، وكسر هيبة وشوكة الرئيس الذي ترجل من حرم جامعته هكذا بتصويت، اعضاء مجلس التعليم العالي، بلا او نعم؟؟
قرار اعادة الهيبة لرؤساء الجامعات، لا بد ان يكون هدفا لان ذلك من صلب هيبة الدولة فرئيس الجامعة هو تلك الشخصية الاعتبارية التي لا بد ان تكون قدوة للاربعين الفا الذين يظللهم قراره، ولا بد ان يكون اختيارة بلا شوائب ان يكون صاحب سيادة اخلاقية وشخصية واكاديمية وان يواصل الاحتفاظ بها، وان يكون ليس بعيدا عن الرقابة السنوية لادائه لا ان يترك اربع سنوات هكذا بلا مساءلة ويعود القرار ليقول له، توقف فانت غير صالح لاكمال مسيرة هذا الصرح.
هيبة رؤساء الجامعات حق يطالب به الرؤساء قبل الناس، فهو صاحب ولاية على الحق وقائد علم اكاديمي، يشار له بالبنان وينظر له بعين الرضا والقبول والاحترام داخل وخارج الاردن، لانه سفير وقائد يمثل الاردن اينما ولى وجهه.
هل سيتمكن قانون الجامعات الاردنية من ترتيب البيت الداخلي لصلاحية الرئيس ولرقابة سنوية تعلم الرئيس بانه سيستمر ام لا، وبصلاحيات واضحة لشخصه ولمجلس امنائه ضمن علاقة تشاركية حقيقية، يعلم كل شخص حجم صلاحياته وحجم قراراته، وكيفية ادارة موقفه.
هل سيكون القادم افضل وسيتجاوز اخطاء الماضي والحاضر القريب، هل سيكون الاسلوب القادم لتعيين اي رئيس جامعة بعيدا عن التجريح والاساءة غير المفهومة وغير المقبولة، وهل سنتمكن من اعادة هيبة دولتنا من خلال هيبة رئيس الجامعة « اي جامعة أردنية»؟؟