بالوالدين احسانا
الانسان هو المخلوق المكرم على وجه الكره الارضية , خلق من ماء مهين وخلقا ضعيفا , فاصله من تراب وطين , ونزل من مكان حقير كي يتذكر الانسان انه مخلوقا ضيفا, ولا يتكبر على مخلوقات الله, ويعيش بأمان ويسعى الى عمارة الارض والاستخلاف بها .
بعد مرحلة الضعف ومرحلة الطفولة تبدا مرحلة الشباب ومرحلة العطاء والقوة , ليعمر الارض يستخلفها ويبني ناطحات السحاب , والقصور والفلل المستشفيات واماكن العبادة, ويصنع الطائرات والصواريخ والغواصات, وتنشى الحروب وتنتهك الاعراض وتسلب المقدسات وتحتل الأوطان .
بعد ذلك تأتي مرحلة الشيخوخة ,مرحلة الهرم والخرف والوهن والضعف ومرحلة ارذل العمر , وما ادراك ما ارذل العمر, ليعود الانسان طفلا بمعنى الكلمة ,ضعيف البدن والعقل والنفس , يحتاج الى رعاية وعناية كاملة من قبل الابناء سبحان الله الدنيا دواره , البارحة كان الاباء يعتنوا بصغارهم ويتمنون لهم المستقبل الجميل الواعد بالخير والعطاء , واليوم الابناء يعتنون بآبائهم ويعطفون عليهم وينتظرون رحمه ربهم بهم قال تعالى : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ }الروم54
ولكن اين هم الاولاد ؟؟؟
الاولاد هم خارج البلاد يدرسون الطب والهندسة ,ويعملون في دول الخليج وفي أمريكيا واستراليا ويجمعون المال ويتنزهون وينبسطون ويقذون حوائجهم لعدد من السنين , وينسون ان لهم آباء ضعفاء بحاجة لهم , بحاجة الى العناية والرعاية والشفقة والعطف الذين قدمهم لهم في الصغر , ونقول كل شيء قرضه ودين , ما قدمت اليها الاب الى اولادك في صغرهما تلقاؤه في كبرك , كيف كنت تعطف عاي اولادك , وتحن عليهم , هل كنت تميز بينهم في العطاء والحب؟ , هل اعطيت احدهما وحرمت الاخر؟ , هل حرمت البنات من الورثة؟ ,هل دللت الصغير وحقدت على الكبير ؟هل هل هل ....... كل ذلك تلقاه اليها الاب في كبرك , فأحرص على ذلك قال تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }الإسراء23.
الاولاد هم في الدراسة و العمل والبحث عن لقمة العيش الحلال والركض في الدنيا الزائلة ,وينسون الاخرة الدائمة ,يسعون في طلب الرزق والعبادة ,يبحثون في مناكب الارض ويستخرجون ويبنون ويعمرون هكذا هي الحياة .
نعود الى الاباء سبحان الله البارحة كان الآب يعلم الابن الكلام و الكلمات الجميلة , واليوم يحتاج الاب الى الابن كي يتكلم معه ويسهر ويحكي له عن اوضاع الناس والوضع الراهن في البلاد , ويتكلم معه في السياسة العمل ومشاغل الدنيا , لكن الابن مشغول في عمله واولاده وزوجته.
الاب كان يغذي ويلبس وينظف الطفل وليبسة الفوط ,واليوم الاب وحيد يحتاج الى من ينظفه ويطعمه ويلبسه ويزينه ويعطره , سبحان الله كل شيء قرضه ودين .
الاب كان يأخذ الابن الى السوق ويركبه في سيارته , ويفسحه وكان الابن ينتظر بشوق وحنين الى والده ,واليوم الوالد جالس وحيدا في البيت , منعزلا عن العائلة , ينتظر بشوق وحنين الى قدوم ابنه ,ويسال عنه لماذا تأخر؟؟؟؟ , لماذا لم يأتي الي ؟؟؟, اهو غضبان مني ؟؟؟ الاب يحتاج الى من يأخذه الى المسجد , الى الحقل , الى زيارة الاصدقاء و الاقارب واماكن العزاء وصالات الافراح .
فاحسن ايها الاب الى اولادك الصغار كي يحسنوا عليك في كبرك , وتلقى العناية والرعاية من اولادك في كبرك , كي يأتي اليوم ويرد لك الجميل كما ينبغي , الدنيا دوارة ولن تدوم الصحة ولا والمال , ستهرم وتعمل على حالك وتبكي مثل الطفل كي تأخذ حبه الدواء او وجبه الغذاء او تزيل الفوطة .
ايها الابناء ارحمو اباءكم , كي يرحموكم اباءكم في كبركم.