من يسلح الإرهابيين
في الأخبار أن جبهة النصرة، العاملة في سوريا، والتابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي ، أصبحت مزودة بأسلحة أميركية نوعية ، فقد أسقطت طائرة سورية قرب حلب بصاروخ مضاد للطائرات، واستعملت صواريخ (تو) ضد الدبابات السورية في غوطة دمشق الشرقية، وهي أسلحة لا تعطيها أميركا إلا لأوثق حلفائها.
وهي تقدم هذه الأسلحة لفرع القاعدة في سوريا تجد أميركا نفسها للمرة الثانية في صف إرهابيي القاعدة ، الذين سبق أن تحالفت معهم ضد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان وأطلقت عليهم لقب مجاهدين الذي دخل اللغة الإنجليزية دون ترجمة.
إذا كانت أميركا قد دعمت بالأمس الإرهاب في أفغانستان نكاية بالاتحاد السوفييتي، فإنها تدعم اليوم الإرهاب في سوريا نكاية بروسيا، التي لا يجوز أن تكون لها الكلمة العليا في سوريا، وأميركا تتفرج.
خطوة أميركية كهذه تخفف الضغط على الرئيس الأميركي أوباما من قبل صقور الإدارة الأميركية والكونجرس الذين يطالبون بالتدخل في سوريا، ولكنها مع ذلك تظل بحاجة للتبرير، فكيف تمد أميركا يدها بالأسلحة الفتاكة لجبهة النصرة المصنفة رسمياً بأنها تنظيم إرهابي، ومن يستطيع بعد الآن أن ينفي عن أميركا تهمة خلق الإرهاب ورعايته.
التبرير الذي تسوقه أميركا هو الإدعاء بأن جبهة النصرة فيها تنوع. بعض قادتها متشددون جداً في ولائهم للقاعدة وزعيمها أيمن الظواهري ، وبعضهم الاخر ليسوا بنفس القدر من التشدد، وبالتالي فإن السلاح ُيعطى للفئة الثانية الأقل تشدداً وإرهاباً!.
في هذا المجال لا بد من التذكير بفلته لسان هيلاري كلينتون من أن أميركا هي التي خلقت داعش، وهو التصريح الذي تقـول هيلاري الآن أنه أسيء فهمه ، وأخرج من السياق.
على ضوء ما يجري أصبح لدينا شك بأن الصدفة وحدها هي المسؤولة عن إسقاط الأسلحة الأميركية من الجو على مناطق تسيطر عليها داعش (عن طريق الخطأ!!) أو عن وجود مقاتلي النصرة بانتظار القادمين من تركيا بعد أن دربتهم أميركا وسلحتهم فتتم السيطرة عليهم وضمهم إلى النصرة أو داعش حسب الأحوال، بعد الاستيلاء على السلاح الأميركي الذي حملوه معهم.
ساذج من ينتظر حلاً سلمياً للصراع في سوريا ، فالجاري هناك حرب عالمية تشارك فيها مباشرة أو بالوكالة جميع القوى العظمى (عدا الصين) الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ومعظم القوى الإقليمية التي تشارك بالمال والسلاح ، ويكتفي بعضها بتقديم التسهيلات اللازمة.