سقوط القروض الميسرة
في الأخبار أن البنك الدولي أعلن عن تقديم المفوضية الأوروبية وثماني دول أخرى هي اليابان وفرنسا وبريطانيا وأميركا وألمانيا وكندا وهولندا والنرويج ، حزمة مالية للأردن قيمتها مليار دولار كمساعدة عاجلة للاجئين السوريين في الأردن لتظل حدود الأردن مفتوحة لاستقبال اللاجئين بدلاً من توجههم إلى أوروبا.
صفة جديدة تستخدمها وزارة التخطيط وتطلقها على القروض الاجنبية التي تراكمها الحكومة على صدورنا هي أنها قروض ميسرة.
اليسر في هذه الحالة هو سعر الفائدة المتدني 5ر2% مثلاً ، والتسديد بعد أجل طويل يصل إلى 15 سنة.
أما سعر الفائدة المتدني فلا قيمة له في الظروف الراهنة حيث سعر الفائدة على الدولار عالمياً قريب من الصفر. وسعر الفائدة الذي تحمله هذه القروض (الميسرة) هو في الواقع بدل مخاطر مبالغ فيها تسيء إلى سمعة البلد.
وأما طول الاجل فهو الضمانة بأن يظل البلد مديناً إلى الأبد ، وأن يكون عليه تسديد الفائدة كل سنة أو ستة أشهر ، مما يستنزف المال العام ويسهم في عجز الموازنة ، حيث تصل الفوائد على القروض الميسرة والمعسرة إلى حوالي مليار دينار سنوياً أو 4% من الناتج المحلي الإجمالي.
وإذا كان هذا القرض الميسر بمليار دولار يستحق مرة واحدة بعد 15 عاماً فإن مجموع الفوائد التي سوف تدفع عليه تناهز 400 مليون دولار ، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على الخزينة ، ويضع البلد في مركز حرج عندما يستحق القرض ويصبح علينا أن نسدده بقرض آخر غير ميسر بأسعار الفائدة السائدة في حينه.
فوائد القروض الخارجية تمنع تحقيق نسب نمو معقولة لأن فوائض الاقتصاد الوطني تذهب إلى الدائنين.
إذا كان البنك الدولي ومجموعة الدول المقرضة ترغب في مساعدة اللاجئين السوريين في الأردن فلماذا لا تقدم المبلغ كمنحة ، لأن الأردن سوف ينفقه ولا يستثمره ، ولماذا يكون على الأردن أن يرد المبلغ ولو بعد أجل طويل.
ليس هذا فقط بل إن البنك الدولي والمفوضية الأوروبية والدول الثماني ستقدم لنا كفالة لنستدين بموجبها من السوق العالمي مبلغ 500 مليون دولار أخرى بأسعار فائدة متغيرة لإبراز حقيقة أن السوق العالمي لا يعد يقبل إقراض الأردن إلا بكفالة أوروبية أو أميركية. وفي هذا إساءة أخرى للأردن.
كلما أعلن وزير التخطيط عن قرض ميسر نفهم أن هناك خازوقاً بانتظارنا!.