الحد الأدنى للأجور.. مماطلة وتسويف!
تتجه أنظار أكثر من نصف الأردنيين صوب منطقة الدوار الرابع، حيث مقر رئاسة الوزراء، آملين أن تنصفهم حكومة موسومة بـ"الجباية"، بعد مرور أربعة أعوام ومثلها من الأشهر على آخر قرار اتخذ بزيادة الحد الأدنى للأجور.
وينتظر هؤلاء الأردنيون، الذين يعانون مرارة عيش وضنك حياة جراء مسلسل ارتفاع الأسعار وتآكل الأجور والرواتب، أن ينصفهم مجلس الوزراء برفع الحد الأدنى للأجور، والذي تبلغ قيمته حالياً 190 ديناراً شهرياً.
وقد تم رفع هذ الأمر إلى مجلس الوزراء للبت فيه، بعد أن اختلف أعضاء اللجنة الثلاثية لشؤون العمل، المكونة من ممثلين عن وزارة العمل وغرفتي الصناعة والتجارة والاتحاد العام لنقابات العمال، ولم يتمكنوا من الموافقة بالإجماع على مقدار الزيادة.
فهذه اللجنة التي اجتمعت بعد كل هذه الأعوام، اختلفت على مقدار زيادة الحد الأدنى للأجور، رغم إقرار أعضائها واتفاقهم على ضرورة رفعها.
ويشترط قانون العمل موافقة أعضاء اللجنة بالإجماع على مقدار الزيادة، وإلا يتم رفع الأمر إلى مجلس الوزراء للبت فيه، ما يعني المزيد من التسويف والمماطلة. لا بل قد تأتي حكومة أخرى لتتخذ قراراً بهذا الشأن، وخاصة أن مراقبين ومحللين يتوقعون رحيل حكومة د. عبدالله النسور قبل نهاية الشهر المقبل.
وقد وجوبه الضغط الذي قام به اتحاد العمال باتجاه رفع الحد الأدنى للأجور إلى 250 دينارا، برفض أصحاب العمل، ممثلين بغرفتي الصناعة والتجارة الذين طالبوا بأن لا يزيد الرفع على 220 دينارا.
ولا ندري لماذا يعقد الأردنيون آمالا على الحكومة بإنصافهم؛ إذ أن اللجنة العمالية المختصة بذلك، والتي هي أقرب إليهم وتعلم ما يعانيه العامل الأردني، لم تنصفهم لا بل ولم تتفق فيما بينها على مقدار الزيادة.
إن مقدار زيادة الحد الأدنى للأجور في أحسن حالاته، وفي حال توافق أعضاء اللجنة عليه، كان يعني رفعه إلى 250 ديناراً، بمقدار 60 ديناراً شهريا، وهو المؤمل أن توافق عليه الحكومة، بحيث سيكون نصيب الفرد منها 12 ديناراً شهريا، بمعنى أدق أربعون قرشاً في اليوم الواحد، هذا على فرض أن متوسط عدد أفراد الأسر الأردنية 5 أشخاص.
ونتساءل: هل استكثر البعض مبلغ 60 دينارا زيادة شهرية، على العامل الذي يجهد في اليوم أكثر من 10 ساعات شاقة، يلقى ما يلقى خلالها من نصب، ناهيك عن تعرضه لأخطار في الكثير من المهن؟
أي عدل هذا؟ وأي كرامة سينعم بها المواطن الأردني؟ وأي معيشة محترمة جيدة ينشدها؟ خصوصاً أن الجهات الرسمية تقر بأن خط الفقر في الأردن يصل إلى 420 ديناراً، وهو متوسط رواتب موظفي المملكة، بينما تؤكد مؤسسات مستقلة بأن خط الفقر هو 700 دينار.
والمؤسف أن وزارة العمل تصرح للعلن بأن لجنة الشؤون العمالية اطلعت على دراسة للجنة فنية شكلت لهذه الغاية. ولا نعلم ما إذا كانت هذه اللجنة الفنية هي من قررت تلك الزيادة أم سواها!
ليكن المواطن على علم بأن قرار رفع الحد الأدنى للأجور تم اتخاذه في الرابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) 2011، وتم بموجبه الرفع وقتها إلى 190 دينارا شهرياً.