حكم القوي
بعدما قامت أم محمد بتجهيز حالها ولبست الثوب المطرز وتزينت بالأكم ذهبه اللي عندها .. وبعدما أخذت نظرة أخيرة تفقدية لنفسها أمام المرآة .. قالت لأبو محمد وهي على باب الدار : هيني طالع زيارة على بنت خال ابن عمي ... صفن أبو محمد بحاله للحظات وقال بينه وبين نفسه : ( أما آن للفارس أن يترجل) فوقف على حيله وخرج عن صمت السنين وقال لها: ما في لا روحه ولا طلعه اليوم .. وحلف يمين بأن لا تخرج من البيت ... أم محمد لم تأخذ له اعتبار (وكأن العرس عند الجيران ) وكلما زاد أبو محمد حدّه وعصبيه وارتفع صوته تقول له أم محمد ( ببرودة أعصاب ) : دير بالك على الدار ولا تنسى تشتري فلافل وخبز حمام للأولاد بالمساء.. شو بدك بطول السيرة أم محمد طلعت زيارتها وسكرت الباب وراها.. وأبو محمد مازال يحلف ويقسم الأيمان على عدم خروجها...
أبو محمد زلمه بيتوتي ويمضي معظم يومه أمام التلفزيون يحضر أخبار الجزيرة ومباريات الدوري الانجليزي ومسلسلات بدوية ، وأهم شيء عنده يكون بريق الشاي بنعنع جاهز وباكيت الدخان على جنبه ، وما بحب يتدخل بشؤون البيت وقراراته يعني مسَلّم الموضوع لأم محمد وهو عبارة عن نَفس بروح وبيجي بالدار ( مثله مثل أي غرض منزلي ) ... لكن حالة الشجاعة الفجائية اللي أصابته كانت عبارة عن عارض وندم عليها، لأنه رح يتبعها كفارة ..أبو محمد عارف حاله مش حمل صيام ولا إطعام مساكين لأنه التزامه بالأمور الدينية سكر خفيف ، وما بصلي إلى صلاة الجمعة وبطلوع الروح (وبصليها بلا وضوء) ... لكن الزلمة ورّط حاله بحلف اليمين وصار يفكر كيف بده يهرب من الصوم والكفارة ....راح أبو محمد على مفتي البلدة وشيخها الجليل ، فقال له الشيخ : عليك بدفع الكفارة أو الصوم ...الأمر صعب على أبو محمد... ، صار يدور ويسأل عن شيخ أقل علم ومعرفة عله يخفف عنه الحكم ( كما يفعل بعض الناس في هذه الأيام ، يبحثون عن شيخ سبور نص كُم و يصدر فتاوى سهله وخفيفة ، ليحل لهم الحرام ويسهل عليهم أعمالهم الشنيعة ويعفيهم من زكاة أموالهم )...
أبو محمد بعد ما صام اللي عليه وشاف عاقبة تسرعه بحلف الأيمان اللي مش قدها ( مشان يترجل الفارس) حلف مليون يمين انه بعمره ما يحلف يمين على شيء..وقرر عندما يترجل الفارس أن يكون ترجل بلا أيمان... أبو محمد رجع صفن من جديد وهز رأسه وأتنهد وقال :فعلاً إنها دنيا القوي ، وآخ من حكم القوي.