الدولة الذكية !
كانت المناسبة مؤتمرا تعاونت على عقده أمانة عمان ، وجمعية القيادات الإدارية الأردنية ، وجامعة الشرق الأوسط تحت عنوان " الحكومة الإلكترونية والمدينة الذكية" وكان المتحدثون قد أحاطوا بالموضوع من جميع جوانبه ، وقدموا من الأفكار وبنات الأفكار ما يفتح السبيل نحو حلقات متصلة من التفكير في كيفية تعميم الذكاء ، وأنسنة التكنولوجيا ، وجعلهما وسيلة من وسائل تحسين نوعية الحياة وتيسيرها .
ما بين الأفكار والتجارب والممارسات الفضلى التي تم التعبير عنها في جلسات العمل ، وبين الخواطر التي ولدت في الأذهان ، ظهر تعريف معجم المعاني لكلمة "الفكر" على أنه إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى المجهول ، وهو تعريف يقود حتما إلى الذكاء الذي يعني قدرة الإنسان على الفهم والاستنتاج والتحليل والتمييز بقوة فطرته ، وذكاء خاطره ، فتغير مفهوم الأدوات الذكية كمنجز تكنولوجي ، إلى مفهوم إنساني يرتبط ارتباطا وثيقا بحاجة المجتمع من تلك الوسائل والأدوات لكي يضبط نسق حياته فيجعلها أكثر سهولة ومرونة .
معالي عقل بلتاجي أمين عمان الذي رعى المؤتمر أشار إلى أن من بين المقترحات التي قيلت لإعطاء عنوان لرؤية عمان مقترح مدينة مرنة ، ومدينة منيعة ، بينما هي تعمل على أن تتحول إلى مدينة ذكية ، فإذا تحققت فكرة المدينة الذكية ، تحققت فكرة المرونة والمنعة ، وغيرها من المصطلحات التي يحتاجها تنظيم الحياة في مدينة يقطنها حوالي أربعة ملايين ومئتي ألف نسمة ، وفيها من المشاكل والضغوطات السكانية والخدمية ما يفوق مشكلة الازدحام المروري التي تبدو أمامنا وكأنها المشكلة الوحيدة !
تكنولوجيا الاتصال هي الوسيلة بالطبع ، ولكنها ليست الغاية ، لأن الفكرة الأساسية تقوم على أن أقصى درجات الذكاء تكمن في توظيف ذكاء الإنسان ، أي الذكاء الفردي والاجتماعي ، وذكاء الأجهزة والوسائل من أجل راحة وسعادة سكان المدينة أو الدولة بمجملها .
المدينة ليست مسؤولية مجلسها البلدي وحده ، ولا الدولة مسؤولية الحكومة وحدها ، بل مسؤولية كل مؤسسة عامة أو خاصة تقيم فيها ، ونحن تحدثنا وعملنا الكثير من أجل تطبيق معايير الحوكمة والجودة في اطار عملية الإصلاح الشامل ، وذلك أمر جيد ، ولكن يبدو لنا أن تعميم فكرة الذكاء لتصير عنوانا لجميع المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني من شأنه أن يشمل كل العناوين التي نعرضها على سبيل التطوير وتحسين الأداء، ومن الأجدر أن نتحدث عن الحكومة الذكية بدل الحكومة الإلكترونية ، فتلك هي الخطوة الأولى على طريق الدولة الذكية !