النكبة والنكسة والفكسة
هوا الأردن - د. زيد خضر
بتاريخ 15/5/1948م احتلت العصابات الصهيونية 80% من الأراضي الفلسطينية ، بعد أن خسر العرب والفلسطينيون الحرب الأولى مع الصهاينة ، فيما اصطلح عليه اسم " النكبة " ، التي نتج عنها : قيام دولة "إسرائيل " ،وتشريد آلاف الفلسطينيين من ديارهم إلى دول الشتات بعد أن فقدوا أرضهم وممتلكاتهم ،وبرزت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في مصطلح السياسة الدولية .
واعتقد اللاجئون الفلسطينيون أن مشكلتهم بسيطة ، وستحل خلال بضعة أسابيع أو أشهر ،وأنهم سيعودون إلى ديارهم وممتلكاتهم ،لكن انتظارهم طال ، وأخذت مأساتهم في التجذر .
وبعد حوالي عشرين سنة في5/6/1967م خاض العرب الحرب الثانية مع دولة الكيان الصهيوني على أمل أن يحرروا ما اغتصب من فلسطين ويعيدوا اللاجئين إلى ديارهم ، لكن العرب خسروا الحرب التي أُطلق عليها اسم " النكسة " ، ونتج عنها : ضياع كل فلسطين ، وهجرة آلاف أخرى من الفلسطينيين إلى دول الشتات بعد أن اغتصب الصهاينة أرضهم وممتلكاتهم .
وعاش معظم اللاجئين الفلسطينيين جراء النكبة والنكسة ، في دول الطوق العربي لأنها قريبة من بلادهم التي يأملون في العودة إليها ،ليُقبلوا ترابها ،ويتنسموا هوائها ،أو يُدفنوا فيها إذا ماتوا ،لكن هذه العودة لم تحدث ،وتعمقت المأساة .
ولم ينقطع أمل الفلسطينيين في العودة والتحرير ،وأخذوا يبحثون عن كل بصيص أمل عسى أن يعودوا إلى بلادهم ،وصدقوا كل ناعق ،ولهثوا وراء كل مفاوض فاستبشروا بكامب ديفيد ،وأوسلو ، وشرم الشيخ ، ووادي عربة ... وهتفوا لكل زعيم دغدغ عواطفهم في العودة والتحرير ،لكنهم في كل مرة كانوا يصابون بخيبة أمل وإحباط وبالعامية " فكسة " ، وكثرت هذه الفكسات ،حتى أصبحت جزءاً من حياتنا كعرب وفلسطينيين ، وأصبحنا ننتظر البطل المخلص ليمحوا عنا آثار النكبة والنكسة ،ويعيد لنا الأمل ،فهل سيأتي هذا المنقذ .
الطريق إلى التحرير والعودة يا سادة بين وواضح ،إن الطريق يبدأ بالمصالحة مع النفس الذي يعني صدق النوايا ، وصدق الأعمال ،وحب بعضنا بعضاً ،إن الطريق يبدأ بالوحدة بحيث لا نفرق بين فصيل وآخر ، وبين عربي وأخيه ،ويجب أن نكون على قلب رجل واحد .
الطريق إلى التحرير يعني التخلص من التبعية للدول الأخرى ، يعني أن قرارنا يجب أن يكون من رأسنا ويحقق مصالح شعوبنا ودولنا ، لا مصالح أعدائنا وأسيادهم .
الطريق يبدأ بالإخلاص في العمل ،فلنعمل جميعاً بنية صادقة ،وأمانة مشهودة ولنتخلص من الفساد والمفسدين ،ولنولِ أمورنا الصالحين المصلحين ، الذين يعملون على تربية أبنائنا وأجيالنا القادمة ليكونوا جيل التحرير المنشود ، وبغير هذا الطريق لن تتحرر البلاد ولن ينصلح حال العباد ، وسنظل نعيش " الفكسة " تلو الأخرى .