ذيبان
حين نتحدث الى انفسنا والى كل العالم نفتخر اننا دولة امتلكت قيادتها الحكمة واهلها الوعي وادرنا مرحلة الربيع والحراك دون قطرة دم واحدة, واننا قدمنا نموذجا لكل العالم في التوازن بين الاصلاح ومطالب الناس من جهة وامن الدولة واستقرارها وعدم انزلاقنا الى فوضى امنية او سياسية وقطعنا الطريق على تجار الربيع في ادخال بلدنا الى دوامة العنف او استنزاف الدولة في مسارات نستطيع حلها بالحكمة التي تميزنا بها.
والحكمة بمفهومنا الاردني تعني الحفاظ على هيبة الدولة وسيادة القانون, وتعني ان لايمارس اي فرد او مجموعة الاستقواء على الدولة لانها اكبر منا جميعا, وان لا نمنح فرصا للكارهين لهذا البلد او صيادي المكافآت للتكسب على حساب الاردن واهله, وتعني الحكمة ايضا ان نحافظ على كرامة الناس وحق التعبير وان يبقى الحوار والعقل لغة التواصل بيننا وليس حرق الاطارات او قنابل الغاز او اغلاق الطرق او التهجم على البيوت ومحاولة حرق اي مؤسسة عامة او اطلاق نار.
لا نتحدث عن خيال سياسي بل عن تجربة اردنية عشناها ومارسناها سنوات طويلة وقطفنا ثمرتها امانا واستقرارا واصلاحا وفخرا بحكمتنا ووعينا, ولهذا فليس صعبا علينا ان نكرر التجربة مع حكاية بسيطة قياسا الى سنوات الحراك تتعلق بذيبان التي يجب ان لا تتحول الى قضية, ويجب ان لا يتم تسييسها, ولنتوقف عند وصفها بانها مطالبة من شباب هناك بفرص عمل ولنجد لها حلا في القطاع العام او الخاص وفق المعادلة التي نتقنها كأردنيين بأن نحترم هيبة الدولة والقانون وان نقطع الطريق على من يريدون ان تتحول ذيبان الى بؤرة فوضى واستنزاف للدولة واجهزتها.
وبشكل اكثر وضوحا فانه لا يجوز من اي اردني سواء كان مواطنا او مسؤولا ان يسمح بفتح ملف اسمه ذيبان ونحن مازلنا نشيع جثامين شهداء الجيش والامن والدفاع المدني, ومازال جرحاهم على اسرة الشفاء, ومازالت دموعنا ودموع اهالي شهداء المخابرات حارة لم تجف , ومازلنا تحت نيران التآمر والاستهداف من الارهاب والتطرف وكل من ازعجهم اننا بلد حافظ على نفسه من الفوضى والاضطراب.
لنكن بحجم التحديات, فهو الترف السلبي ان نستنزف قواتنا وامننا والدولة في قضية لاتحتاج الا الحكمة الاردنية التي تجمع بين احترام الدولة وكرامة المواطن.
لنكن بحجم الاردن, فالاستقواء على الدولة مثل الاستقواء على الاب والام لا يورث صاحبه زعامة, وتجنب الحكمة في حل المشكلات يحمل الدولة ما يجب ألا تحمله.
لنتق الله بالاردن واهله, فيكفينا ما يأتينا من اعدائنا, ولنغلق الطريق على كل صغير او انتهازي, فلا يجوز ان ننتقل من مرحلة الشهداء والرجال الكبار الى بؤرة فوضى واستنزاف للدولة.