إن تكونوا تألمون
«الخوف واليأس هما المسيطران علينا وعلى جيراننا»
«لن نواصل التوجه للعمل والذهاب للتسوق، إنكم تقولون إنه يحظر علينا أن نبدو ضعفاء أمام الفلسطينيين، فليعرف الفلسطينيون أننا ضعفاء لأننا بالفعل كذلك»
«لا يمكننا أن نواصل حياتنا على هذا النحو، لا يمكننا أن نواصل التطور والنمو، بناء المزيد من المستوطنات والوحدات لا يشكل ردا على الإرهاب، أنتم ببساطة لا تفهمون ما نمر به من مأساة منذ خمسة أشهر، ماذا يعني أن ينضم إلى قائمة الأيتام 23 يتيما بفعل الفدائيين الفلسطينيين، إنكم لا تعرفون ماذا يعني أن تتعايش مع الموت»
«لن أعود لعتنائيل بعد اليوم، لن أعود لأشارك في المزيد من الجنائز»
مستوطنة عتنائيل، بيوت يسكنها غرباء جاءوا من بلاد بعيدة، اغتصبوا أرضا من قرية السموع الفلسطينية، وأقاموا تجمعا للكراهية، والخوف، والتوحش، إليريز إيتام، سكنت المستوطنة/ الوكر، وكتبت على فيسبوك مشاعرها، المنشورة أعلاه، المشاعر التي يحرص إعلام الصهاينة على إخفائها، وعدم الاعتراف بها، ولهذا هبت في وجه إيتام عاصفة من الغضب، فمحظور على القتلة أن يبدوا ضعفا، ومحظور على المجرم أن ترتخي يده وهو ضاغط على زناد القتل والإجرام، ومحظور عليه أن يعترف بالهزيمة والضعف!
كثيرا ما سمعت أو قرأت شخصيا كلاما من نخب «عربية» هنا أو هناك، تتحدث عن عبثية المقاومة، ومدى فائدة انتفاضة الطعن، وكلفتها العالية، حيث يذهب المزيد من الضحايا الفلسطينيين، في عمليات فدائية، لا يكاد ينجو منها أحد، وها هي إيتام، تقول لهؤلاء العبثيين، ما هي جدوى المقاومة وعمليات الطعن الاستشهادية!
في اليوم نفسه الذي قتل فيه الاحتلال أمّاً حاملاً ومسناً، نفّذ المقاومون الفلسطينيون في الخليل عملية نوعية تجنبوا فيها قتل الأطفال اليهود الموجودين، في انتصار أخلاقي جديد تحققه المقاومة، هكذا كتب أحدهم، يقول الخبر، أن منفذ العملية اقتحم منزلاً داخل المستوطنة وقتل مستوطِنة في الثلاثينات من العمر، وتقول المواقع الإسرائيلية إن ثلاثة أطفال كانوا في المنزل عند اقتحامه لكن الفدائي امتنع عن قتلهم قبل أن ينسحب بهدوء كما دخل!
ليست إيتام فقط هي من تعبر عن مدى عبثية الاستيطان، والاحتلال، وجدوى المقاومة، صحيفة يديعوت، وفي مقال افتتاحي بقلم يهودا شوحط، نشرته بعنوان «هيا نتحدث عن الثمن»، جاء فيه: بفن وخبرة يخدعنا بنيامين نتنياهو ووزراء حكومته. لقد جربوا كل شيء: اغلاق وطوق، تسهيلات وتشديدات، حواجز ومعابر، اعتقالات ادارية وتحرير اسرى، احتلال متنور واحتلال اسود. احباطات وتصفيات. جربوا حملة عسكرية، واخرى بعدها، واخرى. وأعمال ليلية في نابلس وفي جنين، وستكون حروب كثيرة اخرى. ولكن الحقيقة تغيب عن الخطاب. ليس لديهم أي حل حقيقي. خمسة، مئة او الف قتيل آخر لن يغيروا النتيجة النهائية وكل رئيس وزراء – من نفتالي بينيت وحتى زهافا غلئون – سيصل في النهاية الى ذات النقطة وسيضطر الى ان يسأل نفسه ويسألنا ذات السؤال الصادق: كم يكلفنا هذا، وهل نحن مستعدون لان ندفع؟»
هذا السؤال تحديدا، نتوجه به لمن يتحدث عن عبثية المقاومة، و»يتألم» بسبب ارتقاء المزيد من الشهداء، المدافعين ليس عن كرامتهم وعرضهم فقط، بل عن كرامة واعراض حرائر مليار ونصف المليار مسلم على وجه هذه الأرض!
إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ!