في ربع الساعة الاخير
الغربان وحدها تعرف اين سوف تنعق وفوق اية اطلال بعد ثلاثة عقود اذا استمرت المتوالية العربية على هذه الوتيرة، فالاغنياء الذين طالما سال لعاب الفقراء على ثرواتهم بدأوا يفتقرون، ويتراجع منسوب الرفاهية بحيث قد يصل الى حد الشظَف والتقشف، اما الفقراء فهم على موعد مع الإدقاع والفاقة بحيث يتحولون الى مُتسولين بلا اية أقنعة تحفظ ما تبقى من ماء الوجه !
ومن لا يقرع كل ما لديه من اجراس مُنذرا قومه بالهلاك فهو متواطؤ مع الاعداء ان لم يكن خادما لاستراتيجيتهم، سواء ادرك ذلك او كان آخر من يعلم ! واذا كان لا بد لنا ان نحتكم الى الارقام كي نخرج عن ثنائية التفاؤل والتشاؤم فهي الان مبذولة للجميع وعلى الارصفة .
وما رصد للتنمية انتهى الى انفاق سفيه على كل ما من شأنه ان يؤدي الى انيميا قومية وبالتالي فقدان مناعة يتيح لكل ما هو هاجع من الفيروسات الطائفية والجهوية ان ينهش العافية ويُسرطنها !
وذات يوم سيتعرض جيلنا الى مساءلات سياسية واخلاقية وثقافية من الجيل القادم، الذي سوف يرث حمولة لا يقوى عليها من مديونيات اقتصادية وثقافية، وما له علاقة بالاستقلال بمعناه الدقيق وليس بالمعنى الكرنفالي الذي ينتهي عند علم ونشيد !
ان من لا يتواطأ ولا يرتشي من هذا الواقع الذي بلغ حدا مروّعا من الاستنقاع سيكون من حقه ان يقول اللهم اشهد فإني قد بلّغت، لكنه عندئذ لن يسلم من المساءلة لأنه قال ولم يفعل، ولجأ الى اضعف الايمان في ذروة الاستبداد والاستعباد .
انها متوالية كارثية بكل المقاييس بحيث يصبح الاختيار قدرا بين السيء والاسوأ والاشد سوءا، هذا بالرغم من قناعتي بأن التدارك ما يزال ممكنا وما زال هناك بقية من الرحيق في هذا اليباب كما قال شكسبير... ومن كانوا عربا مستعربة وعاربة قد ينتهون الى عرب غابرين وغاربين !