قراءة في صورة الطفل عمران
هوا الأردن - محمد حطيني
لعل صورة الطفل عمران تعبر عن مشهد مأساوي كبير عاشته الأمة العربية في العديد من مناطق وطنها العربي الكبير في الماضي، وتزايد بأبشع صوره في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين. لكن لم التركيز على صورة الطفل عمران فحسب، فهناك آلاف من الأطفال الذي قضوا قتلا وغرقا وتشريدا، ليس في سوريا وحدها، وإنما في أكثر من دولة عربية، في فلسطين، وفي العراق، وفي ليبيا وفي مصر وغيرها.
صورة الطفل عمران لا شك تجسد مأساة شعب عربي عانى ويعاني من ويلات الحروب والدمار والتدخل السافر في شئونه من قبل دول لا يهمها إلا وضع يتماشى مع مصالحها الوطنية أو خدمة حلفائها في المنطقة، وتحديدا، إيران التي تسعى دائما إلى التغلغل في الجسم العربي من خلال حلفائها في المنطقة في العراق، وسوريا نفسها، وفي لبنان، وفي اليمن.
لماذا تنسى صورة الأطفال الفلسطينيين الذين حملهم أهلهم على الدواب في مهجر إلى دول عربية مختلفة إبان النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948؟ ولماذا تنسى صورة الأطفال الفلسطينيين الذين هجروا من أرضهم وديارهم مع ذويهم بعيد حرب الأيام الستة عام 1967؟
حروب غزة ما زالت لم تمح من الذاكرة، لاسيما حرب يوليو 2014، وحرب 2008 اللتين شنتهما دولة الكيان الإسرائيلي واستشهد فيهما الآلاف من الفلسطينيين، ونسبة كبيرة منهم كانت من الأطفال.
لا يغيب عن الذاكرة العدوان الإسرائيلي السافر على الشعب الفلسطيني في مناطق الضفة الغربية، واستمر لسنوات إبان عهود الانتفاضة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكم من طفل استشهد أو تعرض لإعاقات وكسور وتعذيب وسجن دون أن يحرك ساكنا في الضمير العالمي الذي تتباكى وسائل إعلامه على صورة طفل جريح، وساهم في استمرار الوضع المأساوي في سوريا وقبلها في فلسطين إلى ما هو عليه الآن، خدمة لأمن الكيان الإسرائيلي الغاصب الذي ما زالت قواته تجثم على أراضي دول عربية ثلاث.
ليس الضمير العالمي أن تبث صورة لطفل أخرج من تحت أنقاض ركام نتج عن شن غارات مدمرة أيا يكن الطرف الذي قام بها. الضمير العالمي أن يتم العمل على علاج المشاكل من جذورها في المجمل في كل المنطقة العربية.
الضمير العالمي أن يتم العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية للشعب الفلسطيني الذي ما زال يحلم كغيره من الدول أن تقوم له دولته المستقلة شأن باقي الشعوب في هذا العالم. الضمير العالمي أن يتم العمل على حل المشكلة السورية على النحو الذي يؤدي إلى إخراج كل القوى التي تعيث في أرضه فسادا، وتعيد للشعب السوري الذي تجاوزت محنته كل الخطوط الحمر كرامته وأرضه ووجدانه.
الحل في المنطقة ينبغي أن يتم من خلال استئصال شأفة الإرهاب والقوى الظلامية في المنطقة من جذورها، حتى تتمكن الأمة من العيش بسلام، والتوجه نحو العمل والبناء، وتحقيق الرخاء والرفاه الاقتصادي والحياة الكريمة، كباقي أمم العالم. الحل في المنطقة يكمن في جمع كلمة الأمة، والوقوف صفا واحدا في وجه الأعداء والطامعين، لاسيما أولئك الذين يسعون هم ومن يحالفهم وأذنابهم في المنطقة إلى إعادة الأمة إلى الوراء، وفرض معتقداتهم، وتشريعاتهم عليها. وللحديث بقية.