ليلى والذئب
طول عمرنا ومن طفولتنا ونحن نسمع بقصة ليلى والذئب،ودائماً كنا نحقد على الذئب اللي أكل جدة ليلى وكان ناوي يكمل على ليلى ، وكثير كنا نفرح لما يصل راوي القصة لمشهد وصول الحطّاب لمسرح الجريمة و ينقذ ليلى وجدتها ويسطح بطن الذئب ويطلع الجدة منه ، ويملأ بطن الذئب حجار ويخيّطه ...
ومع مرور الأيام ومتابعة قناة طيور الجنة (بيبي) وخاصة للي عنده أطفال بالبيت رح يحفظ كل أغاني طيور الجنة إجباري ،لأنه ما رح يتابع غير هاي القناة ( أربع وعشرين ساعة عليها)... فمن ضمن القصص الغنائية التي تعرضها القناة قصة ليلى والذئب،فقد أوصت الأم أبنتها ليلى قبل الخروج من البيت : (يا ليلى روحي على الجدة ، إلها أكله بالسلة خبيتها، وانتبهي طول الطريق ولا تحكي مع حدا،والطريق طويلة وما فيها رفيق، ومليانه وحوش وذئاب) ، فظاهر القصة جميل والرسائل التي تحملها هادفة مثل سماع كلام الأب والأم، بالإضافة إلى عدم الاختلاط مع الغرباء والحديث معهم حتى لا يتعرضوا لمكروه...لكن من يدقق جيداً بكلمات القصة يجد أن هناك ظلماً واضحاً بحق الذئب ، وما يجسده رواي القصة لنا بأن العدو الحقيقي والشخصية السيئة فيها هو الذئب ... لكن الحقيقة التي تحملها القصة ما بين سطورها هو أن هناك عدو اخطر من الذئب الذي حاول أكل ليلى وجدتها ، ألا وهو أبو ليلى الذي ترك أمه المريضة لوحدها في بيت بالغابة محاط بالخطر والذئاب والوحوش (كما قالت أم ليلى بوصيتها لابنتها) ...
فكم من أبو ليلى وأمثاله يعيش بيننا ، وكم من شخص ( ذكر و أنثه ) ترك أمه وأبوه وخسر برّهم ورضاهم من أجل الدنيا ومتاعها...فلا تحسب بأن بر الوالدين بلقمة طعام تبعثها لهم أو بزيارة عشر دقائق كل شهر أو كل أسبوع ، وخاصة عندما يتقدم الوالدين بالعمر ويكونوا بحاجة ماسة لوجودك معهم وبينهم ...( وصدقني الشغلة مش بكثرة الصلاة وترباية لحية ، فكم من أناس يصلي الخمس أوقات بالمسجد وبالصف الأول ، ولحيته قدامه شبرين ، لكن ما بزور أمه وأبوه إلا بالمناسبات والأعياد) ...فكما كان أبوك وأمك سند لك عندما يتخلى الناس عنك، كن أنت السند لهما..ولا يعرف نعمة وجود الوالدين إلا من فقدهما أو فقد احدهما.