سقوط النجوم
بعد التطور المذهل في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وتدفق المعرفة، أصبح العالم مكشوفا، وأصبحت الأضواء الإعلامية مسلطة على كل ما يجري في العالم، خاصة الجانب الرياضي ولعبة كرة القدم بالذات.
لقد تابعنا قضايا الفساد والرشوة وغسيل الأموال، التي أطاحت بالعديد من الرؤوس الكبيرة في "الفيفا"، وفي مقدمتهم بلاتر رئيس الاتحاد، وبلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي وغيرهم والحبل ما يزال على الجرار.
آخر قضايا الفساد التي طفت على السطح، تتعلق بإحدى أساطير كرة القدم الألمانية والعالمية "فرانس بيكنباور"، أحسن مدافع في تاريخ الكرة، وقائد المنتخب الألماني الذي فاز بالمونديال العام 1974، ورئيس فريق بايرن ميونخ الذي فاز معه مرات عديدة ببطولة الدوري وبطولة كأس أندية العالم، ومدرب المنتخب الألماني الذي فاز بكأس العالم بإيطاليا العام 1990، كما كان رئيساً للاتحاد الألماني لكرة القدم، وهو من أشهر وأهم لاعبي وإداريي كرة القدم في ألمانيا والعالم؛ أي أنه نال من الألقاب والأمجاد والنجومية والمال الكثير الكثير.
مؤخرا، أكدت النيابة العامة السويسرية أنها تحقق مع بيكنباور في قضايا فساد وسوء إدارة وغش، تتعلق باستضافة كأس العالم 2006؛ حيث كان رئيسا للجنة المنظمة العليا لهذه البطولة، وهو متهم مع مجموعة أخرى بدفع مبلغ حوالي 10 ملايين دولار كرشاوى لضمان الاستضافة المذكورة.
السؤال المطروح: لماذا بعد كل هذه الأمجاد ينزلق النجم في متاهات قد تلغي كل تاريخه الرياضي والإنساني؟
لقد شاهدت شخصيا بيكنباور في ميونخ، في المباراة النهائية لكأس العالم بين ألمانيا وهولندا التي أطلقت أسلوب اللعبة الشامل، سمعت هتافات الجماهير التي كانت تنادي بيكنباور، لقد كان أسطورة حقاً وحقيقة، فلماذا يرتكب مخالفات وأخطاء وتصرفات تؤذي تاريخه ومنجزاته؟، فيصبح متهما وكأنه مجرد من ماضيه الرائع أمام العدالة والقضاء العادل، الذي لا يفرق هناك بين إنسان عادي ونجم مرموق على مستوى العالم ما دام قد خالف القانون.
ليس بيكنباور وحده من النجوم الذين وجهت لهم الاتهامات، فهناك النجم الأسطورة مرادونا الذي ضبط بقضايا تعاطي المنشطات والمخدرات والنصب، ومؤخرا تزوير جواز سفره. وميشيل بلاتيني.. اللاعب الفرنسي الدولي الذي نال لقب هداف كأس الأمم الأوروبية لمدة طويلة، وأفضل لاعب في تاريخ بطولة كأس الأمم، ورئيس الاتحاد الأوروبي السابق لكرة القدم؛ حيث تم إيقافه من قبل لجنة الأخلاق في "الفيفا"، فخدش تاريخه الكروي بشكل محزن.
في الجانب الآخر، هناك عشرات اللاعبين النجوم حافظوا على هيبتهم وسمعتهم أمثال: الأسطورة بيليه أحسن لاعب في القرن العشرين وبوشكاش وبوبي شارلتون وجيرد موللر وتيري هنري ورينالدو وزيكو وغيرهم كثيرون.
لماذا انهيار القيم، لدى بعض النجوم الذين تصدروا المشهد الكروي في العالم وتحققت أحلامهم بالمجد والشهرة والمحبة وأصبحوا جزءا مهما من تاريخ اللعبة.
النجم الحقيقي، أخلاق ومثل وقيم وسلوك ومهارة، فهو نموذج يحتذى، ولهذا فإننا نستغرب أخطاء وسقطات هؤلاء النجوم، ونسأل لماذا؟؟.