أيهما أفضل للأردن.. كلينتون أم ترامب؟
أغلب من ألتقيهم من السياسيين يعتقدون، وعلى نحو مفاجىء، أن الأفضل للأردن فوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية.
ينسب هذا الرأي إلى سببين رئيسين؛ الأول، قائم على انطباع تقليدي راسخ بأن الجمهوريين أكثر اهتماما وحرصا على استقرار الأردن وديمومته. والثاني، أن "مرشحة" الحزب الديمقراطي هذه المرة، هيلاري كلينتون، غير ودودة إطلاقا تجاه الأردن، وستثير المتاعب في وجوهنا بمجرد توليها موقع الرئاسة.
لكن قليلا من الساسة المتمعنين بالسياسة الأميركية، يختلفون جذريا مع هذا الرأي، ويعتقدون أن فوز ترامب سيكون وبالا ليس على الأردن فحسب، وإنما على علاقات أميركا مع العالم كله.
كلينتون في حال فوزها، لن تكون مثل أي رئيس قبلها حيال الشرق الأوسط؛ فهي وبحكم توليها منصب وزير خارجية في ولاية أوباما الأولى، تحوز على خبرة واسعة في شؤون المنطقة، وتعرف قادتها حق المعرفة، مثلما تلمّ بتفاصيل قضايا المنطقة من فلسطين إلى الأزمة السورية، مرورا بالعراق.
في كل الأحوال، لن تكون كلينتون، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، أقل حكمة من أسلافها حيال الأردن؛ فقد وصل للبيت الأبيض رؤساء يجهلون تماما خريطة الشرق الأوسط، لكنهم وخلال فترة وجيزة أدركوا أهمية الدور الأردني في نظر المؤسسة الأميركية، بمستوياتها المتعددة.
وبحكم عملها الدبلوماسي في المنطقة، نسجت "الوزيرة" كلينتون علاقات قوية مع نظرائها الأردنيين، خاصة مع وزير الخارجية الحالي ناصر جودة.
بالنظر إلى طبيعة العلاقات الأردنية الأميركية، والتي بلغت في السنوات الأخيرة مستوى غير مسبوق من التحالف الاستراتيجي، يمكن القول بكثير من الثقة إن هوية الرئيس الأميركي هي آخر ما يثير قلق القيادة الأردنية.
المستوى الثنائي بين البلدين، محكوم ببرنامج مشترك للدعم الاقتصادي والعسكري، وقد حظي بمصادقة الكونغرس العام الماضي. وفي ضوء الوضع المتدهور لمعظم دول المنطقة، تنامى الاهتمام في السنوات الأخيرة بدور الأردن، كدولة تتمتع باستقرار فريد، وقادرة على لعب دور حيوي في إدارة أزمات المنطقة، وامتصاص فوائضها. وقد عبر الرئيس الأميركي باراك أوباما في أكثر من مناسبة عن موقفه تجاه الأردن، بعبارات قوية، حملت في طياتها ما يمكن وصفه بتبدل كبير في النظرة الأميركية لمكانة الأردن.
المؤكد أن العلاقات ليست سمناً على عسل في كل الأوقات. في أحيان كثيرة، تظهر تباينات في الرأي تجاه قضايا داخلية أو خارجية. وقد حصل هذا في أكثر من مناسبة، وربما تكون أزمة سورية مثالا على تفاوت التقييم لتطوراتها، والموقف من أطرافها، وطبيعة الخطوات التي ينبغي اتخاذها.
كما تشهد العلاقة شدا وجذبا حول ملفات داخلية ترتبط ببرنامج المساعدات للأردن، وشروط الدعم. لكنها تبقى محصورة بالمستوى الدبلوماسي، ولا تؤثر على العلاقة بمستويات أعلى.
عسكريا وأمنيا، لم تتأثر العلاقات يوما بتبدل الإدارات الأميركية، وحافظت على زخمها المعهود باستمرار.
يبقى الملف الرئيس في علاقات البلدين، وهو القضية الفلسطينية. مع الإقرار بوجود فروق محدودة في مواقف الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، إلا أن موقف الحزبين تجاه إسرائيل يكاد يكون متطابقا. وباستثناء بعض اللمسات الدبلوماسية، لم يظهر الديمقراطيون عزيمة أشد من الجمهوريين على تسوية الصراع العربي الإسرائيلي في البعد الفلسطيني؛ تسوية عادلة وفق حل الدولتين الذي بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة في عهد الإدارة الديمقراطية.
وفي الحملات الانتخابية، كان المرشحان ترامب وكلينتون يتسابقان على كسب ود إسرائيل. وسيكون من السذاجة الاعتقاد أن لفوز أحدهما أثرا غير متوقع على مستقبل الحل السلمي للقضية الفلسطينية.