الخطوة الأولى !
لم تمر ثلاثة أيام على صدور الورقة الملكية النقاشية السادسة بعنوان " سيادة القانون أساس الدولة المدنية " أوعز جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بتشكيل لجنة ملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون ، وأسند مهمة رئاستها إلى رجل الدولة المخضرم دولة الأستاذ زيد الرفاعي ، تعمل معه نخبة مختارة من فقهاء القانون وممثلي أطراف العلاقة بصفتهم الوظيفية أو الاعتبارية .
الخطوة في حد ذاتها إجراء عملي لتحويل مضامين الورقة من النقاش في المحاور العامة ، إلى خطوات عملية ، على مبدأ ثنائية على درجة عالية من الأهمية ، جناحها الأول هو احترام القانون وسيادته ، وجناحه الآخر القانون الذي يسود ويحترم من حيث مكونات السلطة القضائية ، حاضنة القانون ، والمدافعة عنه ، والتي تملك أدوات القضاء في جميع مراحله ، وما يرتبط به من كفاءة الإجراءات ، والقوى البشرية العاملة في مستويات مختلفة .
والخط الواصل بين بعض ما ورد في الورقة النقاشية ، ومضمون الرسالة التي وجهها جلالة الملك إلى رئيس اللجنة الملكية واضح جدا ، ذلك أن الورقة النقاشية أشارت إلى منظومة من الإصلاحات التي أدت إلى تعديلات في الدستور ، وتشريعات ناظمة للعمل السياسي ، والإصلاح الإداري ، وتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد ، فضلا عن الاستراتيجيات التي أنجزتها اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي من أجل تطوير القضاء ، وضمان أعلى درجات النزاهة والشفافية .
وفي الرسالة الملكية ثمة إشارة إلى ضرورة البناء على ما سبق ، بحيث تكون مهمة اللجنة وضع إستراتيجية شاملة لمعالجة التحديات ، ومواصلة عملية التحديث والتطوير والارتقاء بأداء السلطة القضائية ، بما في ذلك توفير الإمكانات المناسبة للقضاة ورفع قدراتهم ، وحسن اختيارهم ، وتطوير أدوات العمل وأساليبه ، وتحديث الإجراءات ، وغيرها من العناصر الكفيلة بإنجاز عملية الإصلاح والتطوير ، مع الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية .
هنا تكمن خبرة الإدارة العامة إلى جانب خبرة القانون ، وذلك هو جوهر اللجنة الملكية ولكن الرسالة التي بعثها جلالة الملك إلى الجميع ، تتلخص في ضرورة مراجعة كل أمر يتصل بتعزيز قوة الدولة ، وسلامة سلطاتها الثلاث ، وكفاءة مؤسساتها ، خدمة للمواطن والوطن ، فالعدل أساس الملك ، وسيادة القانون أساس الدولة القوية القادرة على الوصول إلى أهدافها في التقدم والتطور والرقي ، وضمان مستقبل أجيالها .