أقصر خطبة ، وأطول بيان !
خطبة العرش الأقصر التي نعرفها في تاريخ افتتاح الدورات الجديدة لمجلس الأمة ، هي تلك التي حدد فيها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين التحديات والأولويات والمواقف الثابتة ، والبيان الأطول في تاريخ الحكومات الأردنية ، هو بيان الحكومة الذي قدمه رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي ، أمام مجلس النواب ، طالبا الثقة في حكومته على أساس ما تضمنه من تحليل شامل وواف ، وفهم دقيق للتحديات التي يواجهها بلدنا ، والمشكلات العالقة ، والأولويات الوطنية التي ستعمل على معالجتها في حدود الإمكانات والقدرات .
وحسنا فعل رئيس الوزراء أنه تحاشى الحديث عن وضع الإستراتيجيات ،وقد فاضت عن حاجتنا ، والخطط وقد بقيت حبرا على ورق ، وذهب إلى خيار المعالجة الفورية لواقع معقد وصعب ، ولكنه واضح في طبيعيته وأسبابه وآثاره ، وفي مخاطره أيضا !
والآن ، ما هو فهمنا لخطبة العرش غير أنها " ما قل ودل " ، وما هو فهمنا لبيان الحكومة غير أنه التفصيل والتوضيح لكل شأن من شؤون الولاية العامة ، وليس الإقرار الأكيد بإمكانية حل ومعالجة كل ما ورد ذكره ، فذلك ليس متوقعا من الحكومة - أي حكومة - مهما بلغت خبرتها أو أفكارها الخلاقة !
من أجل سداد المديونية ، والصرف على المشاريع الرأسمالية والخدمية ، وفتح فرص الاستثمار المحلي والأجنبي ، وما يرتبط بذلك من نهوض اقتصادي واجتماعي ، نحن بحاجة إلى مال كثير ، والمال ليس بين أيدينا ، وبعض ما تجنيه الحكومة من الضرائب والرسوم وغيرها ، يزيد من التعقيدات ولا يفي بالمراد !
ومن أجل أن تتوفر حاجتنا من الأموال ، لا بد أن تنتهي الأزمات المحيطة بنا ، والتي أثرت على تجارتنا الخارجية ، وزادت من أعباء الأمن وتكلفته الباهظة ، والخدمات ومخزوننا الاستراتيجي ، وذلك شأن خارج عن إرادتنا ، والمعونات تأتي تارة وتغيب أخرى ، والاستثمارات معرقلة ، وقوى الإنتاج مضطربة ، والحمل أثقل من أن تحمله حكومة كان بيانها في حد ذاته مرهقا في كتابته وفي قراءته !
ماذا نفعل إذن ؟ الجواب في خطبة العرش القصيرة ، التي جعلت المسؤولية وطنية عامة ، والعبء الوطني أقل ثقلا لو شارك الجميع في حمله ، والجواب أيضا في البيان الحكومي لو أن الحكومة تهتدي إلى " الجميع " وخاصة الشركاء الفاعلين على الساحة الوطنية ، فتستمع إليهم ، وتعيد النظر بالتشريعات والقوانين والمحددات التي أوصلتنا إلى هذا الوضع ،ومشاركتهم في تحليل الواقع واقتراح الحلول ، فهل تفعل ؟!