صفحة 7؛ الأردن في خطر!
كشفت اختبارات الامتحان الدولي الـTIMSS، عن تراجع مستوى الأردن في الرياضيات والعلوم بمقدار 20 نقطة من العام 2011 إلى العام 2015. كما تراجع مستوى طلبة الصف الثامن في العلوم بمقدار 23 نقطة، وكان ترتيب الأردن بين الدول العربية العشر (من أصل 39 دولة مشاركة) هو الخامس.
وفي الاحتفال الذي جرى أول من أمس (ورعاه نائب رئيس الوزراء، وزير التربية والتعليم، د. محمد الذنيبات) في المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية، بيّنت النتائج مفارقة أخرى صادمة، تتمثل في أنّ المدارس الحكومية كانت الأقل في التراجع مقارنة بالمدارس الخاصة (التي يُفترض أنّها تعطي تعليماً نوعياً أفضل، وتستهلك ميزانية الشريحة الواسعة من الطبقة الوسطى الأردنية) التي سجّلت تراجعاً بـ23 نقطة، ومدارس وكالة الغوث التي تراجعت هي الأخرى 44 نقطة، أما المدارس الحكومية فكان تراجعها 18 نقطة!
من المعروف أنّ المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية ساهم في إطلاق وثيقة "إصلاح التعليم". وكان خطاب مهم للملكة رانيا قد دشّن هذه الخطة؛ إذ أشارت إلى السلبيات والتحديات والمخاطر التي تحيط بالعملية التعليمية في الأردن.
هل ثمة ضرورة لإعادة تكرار خطورة موضوع التعليم وأهميته للأردن تحديداً، والذي يعتمد بدرجة أولى ورئيسة على الموارد البشرية، بخاصة المؤهلة والمهنية والمتعلمة، وإذا تراجع مستوى التعليم فإنّنا نبدد ثروتنا الوحيدة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة؟!
علينا أن نتعامل مع ملف التعليم، سياسياً وأمنياً ومجتمعياً وإعلامياً، بوصفه مسألة "أمن وطني"، على صلة بموضوعات الإرهاب والمخدرات والشباب، وهي شبكة المصطلحات التي أصبحت اليوم ترسم مستقبل المنطقة، كما أشار التقرير الجديد للتنمية الإنسانية في العالم العربي 2016، الذي أُعلنت نتائجه في بيروت أول من أمس أيضاً.
التقرير الذي تناول نتائجنا في الاختبار الدولي (وأعدته الزميلة آلاء مظهر) جاء في صفحة 7 من "الغد"، أمس، ومعه تقرير آخر ومقال يأتيان في السياق نفسه. التقرير كان عن ندوة أقيمت في منتدى الفكر العربي (أول من أمس أيضاً)، تحدث فيها وزير التربية والتعليم الأسبق، د. إبراهيم بدران، عن كتابه الجديد (وأنا متشوّق لقراءته) الذي حمل عنوان "عقول يلفها الضباب: أزمة التعليم في العالم العربي". والعرض المقدّم مغرٍ بالقراءة؛ إذ ربط أزمة التعليم في الأردن، بشبكة الأزمات الأخرى في المنطقة العربية، مثل أزمة الديمقراطية والبحث العلمي والحاكمية الرشيدة، وبغياب الرؤية المجتمعية للتعليم، وبعدم توافر إرادة وطنية حقيقية لإحداث نقطة التحول في مسار التعليم، ما يحتاج إلى أجواء مختلفة من الديمقراطية والانفتاح والمشاركة وتداول السلطة... إلخ.
كلام جميل. لكن خطر في بالي سؤال مهم، وأتمنى أن يأخذ اهتمام الدكتور المثقف إبراهيم بدران: لماذا أخفق هو عندما كان وزير تربية وتعليم، ودخل في صدام مع حركة المعلمين، ما أدى إلى خروجه من الوزارة أو تقديمه "كبش فدا"؟ وأهمية السؤال أنّه ينقلنا من الجانب النظري في التفكير، إلى الجانب التطبيقي والخبرة العملية التي تضعنا أمام المعوقات والعقبات الحقيقية والواقعية في وجه الإصلاح!
أما المقال (الآخر)، في صفحة 7، فهو للخبير التربوي د. ذوقان عبيدات عن الاتجاهات الحديثة في التعليم. وهو مقال فعلاً ممتع، ويضعنا أمام إشكالية أخرى، هي تلك النخبة المثقفة التي تجاهلتها وزارة التربية والتعليم، ودخلت في صدام معها على المناهج، بينما تخلى الطرفان عن القضية الكبرى؛ الإصلاح الحقيقي. فهل يمكن أن نعود ونستثمر فيها؟!
ألم يحن الوقت لإطلاق صفارات الإنذار وإعلان الطوارئ، حتى لا نجد أنفسنا بعد أعوام نتحدث عن انهيارات أخرى تضرب مستقبل شبابنا في الصميم!