تنظيم «الدولة» بين ثلاثة أقطاب في التيار السلفي الجهادي الأردني
يرفض أبرز زعامات التيار السلفي الجهادي في الأردن الشيخ أبو محمد الطحاوي أية جهود وساطة أو مبادرات للتخفيف من قيود سجنه المستمر منذ سنوات عبر رفيقيه المنظرين البارزين في التيار أبو محمـد المقدسـي وأبو قتـادة.
مؤخرا نقل الطحاوي، الذي يقول محاميه موسى العبداللات، إنه يعاني من أمراض مزمنة عدة وحياته في خطر إلى سجن الطفيلة جنوبي البلاد.
يجتهد القيادي الديناميكي في التيار والذي يستطيع الاتصال والتواصل مع السلطات الشيخ أبو سياف في إجراء اتصالات تحاول تأمين الإفراج عن الشيخ الطحاوي.
خلال الاتصالات أصر الطحاوي على التجاوب السلبي مع أي مبادرات بخصوص الإفراج عنه يقوم بها رفيقاه سابقا المقدسي وأبو قتادة ويشترط الرجل الطاعن في السن أن لا يتدخل أي منهما مع السلطات ويرفض حتى زيارتهما له في السجن.
طبعا السبب معروف بالنسبة لنشطاء التيار السلفي الجهادي وهو موقف الشيخين المقدسي وابو قتادة من تنظيم «الدولة الإسلامية» «داعش» الذي يتعاطف معه الطحاوي لكنه لا يبايعـه بسـبب ما يـسمى بظـروف البيـعة في الواقع.
الخلافات حول تنظيم «الدولة ـ داعش» عصفت مرات عدة بالعلاقات بين أقطاب التيار السلفي الجهادي المناصر بقوة في الساحة الأردنية بالرغم من أن اغلبية قواعد التيار تؤيد «جبهة النصرة» التي دخلت بدورها في «هدنة طويلة الأجل» مع السلطات الأردنية وتقر ميدانيا عدم التحرش أو العمل داخل الأراضي الأردنية أو عبر حدود المملكة العريضة مع سوريا.
موقف الطحاوي عنيد جدا في الإشارة لرأي المقدسي وأبو قتادة رغم التباين الشديد بينهما باعتباره مساندة لأعداء الإسلام ضد المجاهدين.
ما يقوله في مجالساته الخاصة إنه لا يجوز لرموز في التيار أن يقيموا الحجة ضد «الدولة الإسلامية» وهي تعترك مع الكفار حتى وإن كانت ملاحظات «شرعية ومرجعية».
ويتحفظ الطحاوي بعناد على إعلان ملاحظات ضد تنظيم «الدولة» في هذا الوقت السيء.
والمعروف علنا بأن للشيخ المقدسي موقفا علنيا في اتهام تنظيم «الدولة» والاعتراض على «إعلان دولة الخلافة» فيما يبدو أبو قتادة أكثر شراسة في وصف العاملين مع «داعش» بأنهم «كلاب النار» ولا تجوز مبايعتهم.
خلافا لأبو قتادة يرفض المقدسي التحدث عن مؤامرة مقصودة نتجت عنها تشكيلات تنظيم «الدولة» ويستند إلى ملاحظات على الأداء والخطاب الشرعي ويعترض على «تصرفات محددة» لكنه لا يعتبر تنظيم «الدولة» منتجا لمؤامرة.
وفي جلسات العلم والتداول التي يقيمها بين الحين والآخر يبدو مقنعا للسلفيين الجهاديين وهو يصر على أن تلك «التصرفات» التي ينتقدها المقدسي مثل السحق والحرق وقطع الرؤوس مبعثها ليس شرعيا بل عقيدة «ستالينية وبعثية وأقرب للصدامية» مقاربة مع نظام الراحل صدام حسين وهو تشخيص يوافق عليه المؤيدون الكثر لجبهة النصرة.
المقدسي يعترض على إقامة الحدود الشرعية أمام الكاميرات وسمعته «القدس العربي» وهو يعتبر مثل هذه التصرفات ضارة جدا وتعود بالسلبية على أمة الإسلام والمسلمين ملاحظا بان اعتراضه الأساسي على تنظيم «الدولة» أنه يرفض المصالحة والوساطة بين التيارات المجاهدة.
مقاربة أبو قتادة حول الخلفية «البعثية والستالينية « لنظام إقامة الحدود في الأرض التي تمكنت منها تشكيلات تنظيم «الدولة» تنجح في استقطاب غالبية ساحقة من عناصر التيار الجهادي السلفي في الأردن وفي جنوب سوريا.
عندما فكر متعاطفون مع تنظيم «الدولة» في مدينة الزرقاء التي تعتبر من معاقل التيار السلفي الجهادي بإقامة محكمة شرعية لمحاسبة المقدسي وأبو قتادة على رأيهما صاح الثاني، مشيرا إلى أنه هو بموقعه العلمي من يقيم المحاكمات الشرعية وليس من يؤيدون «كلاب جهنم» كما وصفهم.
على هذا الأساس يمكن القول إن شراسة موقف أبو قتاده من تنظيم «الدولة» المدعوم بأدلة شرعية تكرسه الخصم الأول والأبرز لـ «داعش» في محيط العراق وسوريا.
حتى في ذهن السلطات الرسمية الأردنية يصنف الشيخ أبو قتادة رغم عدم الثقة به باعتباره محطة أساسية في منع تسرب تنظيم «الدولة» لأوساط السلفيين الجهاديين وهو من المحطات المركزية في تفويت الفرصة على وجود «حواضن اجتماعية» لـ»داعش» في الوسط السلفي الجهادي.
رغم ذلك لا تتساهل السلطات في مراقبة النشطاء السلفيين ومتابعتهم وسجنهم ومحاكماتهم بقسوة في بعض الأحيان أملا في منعهم من التحرك بحرية في أوساط المجتـمع.