متى يبكي الأردني؟!
صدق أو لا تصدق، كندا لم تكتف فقط بتقديم أفضل الخدمات على أرضها حتى تعزز في مواطنيها أصدق معاني الانتماء، بل اليوم بإمكان أي كندي حين يسافر إلى أوروبا إو المقيمين هناك أن يجد ماكينات تقدم المشروبات الباردة للمواطنين الكنديين مجانا، وكل ما عليك فعله أن تمسح جواز السفر الكندي على ماسحة ضوئية فتأخذ من الماكينة ما تشاء من المشروبات، وقد كتب عليها عبارة ( قد تعبر المحيط لكن يبقى وطنك هو الوحيد الذي يروي عطشك أينما ذهبت وارتحلت بلادك تحبك).
قرر أردني السفر الى الخارج وحين وصوله المطار تم إبلاغه أنه ممنوع من السفر، فقال الأردني: يا ستّار، وكاد أن يغشى عليه، فقد اعتقد أنه مطلوب على قضية أمنية .. وبعد أن استفسر وجد أن عليه مبلغ 13 دينارا بدل مسقفات، ومخالفة سير، ولن يستطيع المغادرة قبل أن يدفعها مع الغرامات. تألم المواطن الأردني كثيرا خصوصا أنه تعلم أن وطنه بحجم الورد لا بحجم المسقفات، وكيف أن الوطن الذي نفديه بالمهج والأرواح لا يثق مطلقا بمواطنيه وأن عليهم الدفع قبل السفر وكأنهم مسافرون للدار الآخرة ولن يعودوا بعد اليوم، مع العلم أن رحلة السفر قد تكون فقط لعدة أيام ومن ثم العودة. معظم دول العالم تودع مواطنيها بابتسامة حتى يبقى الوطن في ذاكرتهم ويشتاقون دوما بالرجوع إليه، باستثناء الأردن يتم عمل تشييك كامل على المواطن ولو في ذمته دينار، فيمنع من السفر حتى لا يفكر الأردني بالعودة إليه!
كندا هدفت من هذه الفكرة البسيطة أن يشعر المواطن الكندي أن بلاده ترعاه أينما حل وارتحل، بينما الأردني حين يصل إلى أي بلد في العالم ينصعق دائما من انخفاض أسعار البترول مقارنة مع الأسعار في بلده، وكيف أن حكومة بلاده تستغفله وتضحك عليه وتجني أرباحا طائلة من فرق الأسعار، كيف نطلب منه الحنين وهو يرى ويشاهد كيف تحترم الدول عقول مواطنيها بتسعيرة البنزين؟!
يمرض الأردني في بلاد الغربة فيتم إسعافه على الفور وبعد أن يتعافى ويتلقى العلاج اللازم يتم سؤاله إن كان سيدفع أو يمتلك تأمينا صحيا، ويتذكر كيف أن أحد المستشفيات رفض استقباله قبل أن يضع تأمينا ماليا لأن بطاقة التأمين لم تكن معه، وكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة لولا وصول بطاقة التأمين الصحي في الوقت المناسب!
شاهد أحد الكنديين الماكينة وشرب منها وبكى لأنه شعر بمدى احترام الدولة له حتى وهو في الخارج، بينما الأردني وهو يمشي متأملا تطور الدول وحداثتها واحترام الناس للقوانين، وفجأة يتم المناداة عليه، هاي هاي هاي، فيرد: أنا، فيقولون له : أه أنت، فيقول لهم: من أنتم؟! فيتم سؤاله: أنت أردني؟! فيجيبهم بنعم وأنتم أردنيون، فيقولون له: نعم، يفرح كثيرا ويحضنهم كونهم من رائحة بلاده، ويتم سؤاله: أنت تعمل هنا أم سائح؟! فيتبدد في لحظتها الشوق والحنين ويتعجب من السؤأل فيقول لهم: وبماذا يعنيكم إن كنت سائحا أم عاملا، فقالوا له: نحن وفد من الضمان الاجتماعي نبحث عن الأردنيين في الخارج حتى نقنعهم بالاشتراك في الضمان الاجتماعي ونؤمن مستقبلهم!
بكى الأردني وقال لهم: أنتم ورائي ورائي، لو في مستقبل في الأردن بتشوفوني هون؟!