الأردن إرادة لا تلين وعزيمة لا تقهر
تمر المنطقة العربية عموما والأردن على وجه الخصوص بظروف وتطورات مطردة.. تتطلب منا المزيد من الحرص والوعي والمحافظة على وحدتنا وتكاتفنا كمجتمع واحد لطالما تغنينا بها على مر العقود الماضية على الرغم مما عصفت بنا من اضطرابات سياسية واجتماعية.
ننأى بأنفسنا عن الزلات وعن فسافس الأمور وصغائرها ونضع نصب أعيننا أمن وطننا ومواطنينا ونقف يدا واحدة في وجه الإعصارات الإرهابية والمنظمات التكفيرية التي ما لبثت تستهدف الداخل الأردني بشتى الوسائل ومحاولاتهم البائسة لاختراق مجتمعنا المتماسك والعصف بأمننا وأماننا.
تعرض وطننا لهزات في الماضي القريب والبعيد من أفراد ومجموعات ذوو أجندات سياسية إرهابية هدفت إلى زعزت ثقتنا بأجهزتنا الأمنية، لكننا بفضل من الله أفشلنا وسنفشل كل ما يحاك ضد وطننا الحبيب الذي لا يختلف على حبه كل من يشرب من مائه ويأكل من خيراته.
وكما يقال فالعاقل يتعلم من الدرس العبر حتى لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وحتى نفوّت على من يحيك ضدنا المؤامرات والفرص لهز عرش مملكتنا الحبيبة.
حادثة الكرك وما تخللها يجب أن تكون لنا عبرة ودرس نتعلم منه على مختلف الأصعدة. فمن جهة، أثبتنا للعالم بأننا بلد من شرقه إلي غربه ومن شماله إلى جنوبه نقف وقفة رجل واحد في وجه الإرهاب ونقدم صدورنا العارية لنتلقى عنه رصاص غدر الخائنين والإرهابيين. وعليه، يتحتم علينا أن نعي خطورة الإرهاب والفكر الإرهابي الذي يتربص بنا.
ببساطة، تعني مكافحة الإرهاب: إحباط العمل الإرهابي والحيلولة بالطرق والوسائل كافة دون تنفيذه على أرض الواقع، أياً كان نوع هذا العمل الإرهابي؛ سواء كان تفجيرات، أو عملا انتحاريا، أو خطفا، أو احتجاز رهائن. وبالبساطة نفسها، فإن نجاح العمل الإرهابي؛ بتنفيذه على أرض الواقع، ومهما كان حجم الخسائر الناتجة عنه، يعني فشل الأجهزة الأمنية المختلفة في مكافحة الإرهاب.
ان وصول التنظيمات الارهابية لنقطة المواجهة في الداخل الاردني هو امر متوقع نظراً للتنامي المرعب لهذه التنظيمات والتي تتوفر لها حواضن داخلية متعددة لم يتم التعامل معها الى الان بطريقة عمليه علمية بل باسلوب غض لابصر، او تطبيق فكرة استخدام ادوات متطرفة في جوهرها لمواجهة التطرف الذي يأخذ شكل الخلايا السرطانية .
وتغيير الجذري في شكل وألية الارهاب وسقوط نظرية العمليات المعقدة في مقابل نمو متزايد للعمليات غير المعقدة مثل اطلاق الرصاص المباشر، او وضع القنابل المصنعة يدوياً، يعني ان المواجهة القادمة مع الارهاب هي مواجهة مفتوحة وخطيرة يمكن ان تحدث في اي مكان وزمان.
تكشف حادثة الهجوم المسلح على مدينة الكرك السياحية في الأردن ـ التي راح ضحيتها عشرة قتلى، بينهم 7 من رجال الأمن ومواطنين اثنين، منعطفاَ خطيراً في السياسات والاستراتيجيات المتعلقة في إدارة الأزمات الأمنية ومكافحة الفكر الإرهابي بكافة إشكاله وصورة.
ما شهده العام الحالي من سلسلة العمليات الإرهابية التي استهدفت خطوطا أمامية لقوات حرس الحدود، ومقار أمنية يؤكد أن الأردن في عين الإرهاب، وأن منظومة الإرهاب تستهدف أمننا واستقرار بلدنا.
بعيدا عن أي تهويل أو تقليل، فإن الظروف الحساسة الحالية تستدعي المزيد من الحذر من مختلف الجهات الرسمية لمواجهة احتمال استهداف الأمن والاستقرار الأردني، كما قد يكون الدور الأهم المطلوب اليوم هو من المجتمع الأردني نفسه، بمختلف شرائحه وقواه ومؤسساته المدنية والشعبية، في التصدي بالوعي واللحمة ورفع منسوب الحساسية الوطنية تجاه كل ما يمس الأمن الوطني.
نعم، لقد نجحنا وسننجح في إفشال جميع المخططات الإرهابية، لكن لا يجب أن نقف عند هذا فقط. علينا إعادة تقييم ما حدث واتخاذ كل ما يلزم حتى نفشل خطط كل من تسول له نفسه المس بأمننا. ولا يجب أن يفسر أي انتقاد أو ملاحظة تصدر من كل غيور علي أمن البلد بأنها كما التصيد في الماء العكر. فنحن من أبناء هذا الوطن الذي بناه آباؤنا وأجدادنا بدمائهم وعرقهم ونخاف ونحرص على أمنه كحرصنا على أمن أبناءنا وأهلنا.
حمى الله الأردن وحمى الله أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة.. والرحمة والشموخ لشهدائنا الأبرار.. وليخسأ كل أفاك أثيم.