2016.. لا أسف عليك!
الفقدان، هو شعور كل الأردنيين بعد أسبوع كان دمويا بامتياز، اجتمعت فيه الآلام مع كل معاني القهر. إذ لم تكن تلك أياما عادية، مع خسارة بحجم الوطن، لأننا خسرنا بعضاً من خيرة رجالات الأردن.
وحين نفقد شهيدا من قواتنا الأمنية، فكأن كل عائلة منا فقدت أحد أبنائها، والذي هو جزء من روحها ومن قلبها. جراح أتت متتالية، لم تمنحنا وقتا لالتقاط أنفاسنا، إذ كانت تعود لتأخذ منا أحد أحبتنا، فيعم الحزن ويغيب الفرح عن زوايانا.
كان اختبارا صعبا غير مسبوق، ونحن الأردنيين، لا يخلو بيت من بيوتنا من أحد منتسبي الجيش والأجهزة الأمنية. كل فرد منهم يحمل على كتفيه مسؤولية بحجم الأرض، هي تأمين الأمن والأمان لنا جميعا. يغادرون بيوتهم ويقبلون أيادي أمهاتهم ليأخذوا منهن الرضا ومن حنانهن الحب.
الأمهات اللواتي يضعن أبناءهن في قلوبهن، يرفعن أيديهن الى الله أن يحمي فلذات أكبادهن، وهن من أرضعنهم الشجاعة والقوة والرجولة والشموخ، ليظلوا منتصرين لأجل الوطن ومن على أرضه، ولو بالشهادة.
نعم، كان عاما صعبا؛ قلّ فيه الفرح، وامتد فيه الحزن. ففوق التضحيات، ترى في وجوه المارة تعب الأيام بكل ما فيها. وفي الأماكن صمت كئيب، وفي القلوب والأرواح تساؤل عن كل ما هو آت.
لم نشف بعد من جراح علّمت على أرواحنا منذ أن غادرنا الشهيد البطل معاذ الكساسبة، ولحقه أخوه الشهيد راشد الزيود، وغيرهما ممن دافعوا عن الوطن ضد أعداء الحياة من الإرهابيين المجرمين، الذين تجردوا من الأخلاق والإنسانية.
والآن، مع نهاية هذا العام، تعود جراحنا لتنزف من جديد ونحن نزف شهداء أبطال جدداً إلى جنات الخلد، بعدما حملوا السلاح بأيديهم، وجعلوا الوطن بكل من على أرضه في عيونهم.
كل واحد من أفراد جيشنا وأجهزتنا الأمنية يمثل أمننا وأماننا. فهم الذين لا يبخلون بالأغلى، وهي أرواحهم، فداء لنا، لا لنعيش فحسب، بل لنعيش بأمان بين عائلاتنا. يدافعون عنا في أقسى الظروف وأصعبها، عيوننا ساهرة، وأبطالاً عند الحاجة.
نعم كان عاما صعبا بكل ما فيه، ولا ندري ماذا يخبئ لنا العام المقبل، وأيامنا الجديدة.
عام 2016، غادر بحزنك، بألمك، بوجعك، بتعبك، بكل ما فيك، فلا أسف عليك. وسننتظر العام 2017 علّه يكون عاما جميلا، مليئاً بالحب والأمل والخير والسلام، التي تليق بتضحيات شهدائنا أولاً، والتي لأجلها ارتقوا إلى السماء.