غاغة
كان عرار، ببسطاته وعمقه، يقول:
يا مدعي عام اللواء بلاؤنا
سيضل مهما خصّصوه.. عمومي.
وكان نقرأ خصّصوه خصخصوه حسب التعبير الاقتصادي الدارج. فتش عن البلاء فانك تجد مصدره حكومي: ستكشف ان مصدر التذمر هو عشرات محطات F.M الاذاعية وهذه اكثرها حكومي مؤلف من «قوال» وعاطلين عن العمل يمارسون النضال بالهواتف.. وكلهم صاروا من زملاء بروفسور شاخت عالم الاقتصاد المشهور.
فاذا اضفنا لمحطات الـF.M ولمذيعيها المنفردين صفحات التواصل الاجتماعي، فاننا نفهم حالة الاحباط التي يعيشها الناس في بلدنا. وحين نقول الناس هنا فهم الموظفون والعاملون دون عمل، والعاطلون عن العمل، والمتقاعدون، والنساء الحائرات في قضاء مساحة ما قبل الظهر في حفلات شرب القهوة والاستغابة.
بلدنا في حالة عدم اليقين، حتى لا نقول الفوضى الفكرية. وبلاؤنا حكومي، ويكفي متابعة اجتماعات مجلس النواب وخطابات النواب والحكومة، لنكتشف ان لا احد معني بتثبيت اقدام المواطن على ارضه، ولا احد يقدم اجابة شافية على ابسط سؤال.
لقد علقنا قبل ايام بكذبة صدرت عن «الفيس بوك» تقول حسب رواية احد المثقفين: ان السفارة الاميركية ابلغت حكومتنا انها لن تدفع قرشا واحدا من المعونات لانها وعدت – حكومتنا – باحتلال دمشق.
ومع ان مثل هذا الكلام لا يمكن ان يصدر عن اية سفارة في هذا العالم، الا ان هناك من يجادل: السفارة لم تنفِ الخبر.
وحين يتحمس احد الاخوان ويفتح صفحة السفارة او حسابها كما يقولون، ويقرأ نفي السفارة، فان هناك من يستمر في النقاش، الذي كاد ينقلب الى طوشة، لان السفارة قالته وهي الان تنفي.
وكما علقنا في هذا النمط من الكلام، علقنا امس في هاتف احد كبار اقتصادي محطات الـF.M، فهو يقول للمذيع: لماذا لا تستثمر الحكومة في شركة هواتف نقالة وتربح 400 مليون دينار سنويا؟!. وربما جامل المذيع او اعجبته الفكرة: صحيح.. ولماذا تبقى اموال الضمان مكدسة؟. وتوسع النقاش ولم نعد نعرف اين انتهى لان احدى الاغنيات «القردنية» جاهزة.. وهو هو.. وهو هي. ومستمع آخر يقترح.
هذه «الغاغة» في بلدنا لم تنطف نارها منذ خمس سنوات حين تعرفنا على الربيع العربي الى متى تستمر؟ الله أعلم فالحكومة تمول المزيد من محطات الـF.M كل مؤسسة، كل بلدية، كل جامعة. والحكومة تعتقد ان انفلات التواصل الاجتماعي ينال رضى الولايات المتحدة وروسيا واوروبا, لانه مرتبط بالحرية وحقوق الانسان.