الكراسي اللاصقة والكراسي المتحركة
هذه مقالة فكر وسياسة،تاريخ وجغرافيا.ربما فيها جرعة زائدة،عليك ان تتحملها او ناقصة بإمكانك إكمالها ،لكنها في المحصلة رأيُ يُهمني،ويُهّم كلَّ مَنّ يهمّه همَّ اهله على امتداد الوطن العربي،فالكل في الهّمِ عربُ.واقعنا الموحل ليس له صفة القداسة بل تقهقر في كل المناحي.وللخلاص منه، يجب تناوله بالتشريح لمعرفة بواطن علله ، ومكامن امراضه.هذا لا يكون متاحاً الا بسبر اغواره،بمشرط جراح لا ترتجف اصابعه.فحرية التعبير هي مصباح الاضاءة للتأشير على الخلل والاستدلال على طرق التغيير للافضل .لا مواطنة حقة الا بالحرية الحقة لإرتباطها عضوياً بالوطنية النقية الخالصة من الشوائب.فعديم الرأي اقرب الى البهيمة،والمجتمع لا يكون حضارياً تقدميا ان كان بلا صحافة حرة،وبرلمان مستقل ، يمثل الشعب بكل فئاته وجميع اطيافه تمثيلاً حقيقياً... اي ان تكون السلطة العليا واليد الطولى للشعب،لا بايدٍ تديره من وراء ظهره.معادلة لم تزل مقلوبة في الانظمة العربية ، حيث اكتشف العربان في الربيع العربي ان الكراسي اهم من الشعوب و الاوطان عند القادة...دليلنا ان ما جرى ويجري في في اليمن،سوريا،ليبيا،العراق،اسطع بيان واكبر برهان على تبيان هذه الحقيقة. الحل السحري لعلاج مشكلاتنا كافة،في ان يكون الشعب مصدر السلطة.
زماننا ليس زمن الجاهلية،والمجتمعات العربية ليست قاصرة او بدائية،تنطلي عليها لعبه خطب البلاغة و الالفاظ الرنانة.سوق عكاظ للكلام تحول الى كراج لغسيل السيارات الوسخة،اما مقولة الشعر ديوان العرب،دخلت متحف المنقرضات. نحن لمن يتغابى علينا في زمن العلم و ثورة التكنولوجيا.الحقائق الدامغة تقول :ـ منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام و انتهاء الخلافة الراشدة ،ادخلتنا الدولة الاموية ـ رغم انجازاتها ـ في متاهة الوراثة. بدعة ابتدعها معاوية..فالمقارنة خاطئة بين الابن و ابيه ،وغير جائزة بين معاوية و يزيد،فلكل واحد شخصيته المتفردة...ثم جاءت الدولة العباسية بمفهوم استبدادي للدولة ، ان "الخليفة ظل الله الممدود على ارضه ".هذا افتئات على نظام الحكم وعلى الانسان الحر خليفة الله على الارض و فيه ايضاً هدم للفوارق الفاصلة بين مفهوم الدولة والمزرعة،اذ انهما بهذا المفهوم المتخلف تُداران بعقلية واحدة،ولا فرق بين الاقنان والدواب. معاناة بعض الشعوب العربية ان قادتهم بلغوا من العمر عتيا ولا يزالون وراء الدفة.الادهى ان هؤلاء لا يعترفون بان الزمن قد تغير،وان السلطة شرعيتها مستمدة من خدمة الشعب. نقولها بكل جسارة،مجردة لوجه الله تعالى ، بلا محسنات لفظية او بلاغة،ان ما نحتاجه هو تغيير في العقلية وطريقة التفكير،والاعتراف بان النقد الموضوعي البعيد عن الاسفاف والمصلحة الذاتية،ليس مساً بالذات الرئاسية،وليس كبيرة تستدعي الجرجرة للمحاكم والزج في زنزانة.
الرئيس محمود عباس.....عراب اتفاقية / اوسلو العار والفضيحة /.اتفاقية شكلت، ضربة قاصمة للقضية الفلسطينية.كانت الغنيمة،علم بلا سارية ومقاطعة في رام الله محاصرة،واستبدال البزات العسكرية في استعراض اممي،ببدلات مدنية انيقة ،وتعليق خارطة فلسطين من البحر الى النهر، على جدران الذكريات العتيقة،زائد رواتب ضخمة.الفاجعة ان نظير الرئيس عباس على الجانب الاسرائيلي يوسي بولين،مهندس الاتفاقية. اعترف نفسه بعد ( 23 ) عاماً بالصوت والصورة،لا نقلاً عن مصدر مطلع ، بل على رؤوس الاشهاد من دون تأتأة او مواربة :ـ ان انشاء السلطة يخدم اسرائيل امنياً،ويُسقط الكلفة المالية و الاخلاقية ، و الالتزامات الدولية عن تل ابيب،وعلى السلطة ان تحترم ذاتها وتستقيل لإحراج اسرائيل.فواقعة الإحتلال الاسرائيلي لفلسطين، هي الاولى في التاريخ التي يتنصل فيها المحتل من التزاماته،حيث ان سلطة عباس بلا سلطة مهماتها حراسة المستعمرات وحماية ساكنيها،ومطاردة المقاومين لإرتباطها عضوياً بإسرائيل.السؤال اللعنة لإجل من سقط الشهداء،وامضى المعتقلون اعمارهم خلف القضبان ؟!. البارحة جرى محاكمة الشهيد باسل الاعرج في قبره بتهمة حيازة الاسلحة وتشكيل خلية مقاومة،واعتدت قوات عباس على المحتجين ومن بينهم والده ...فاي مهزلة هذه،و اي لطخة عار في جبين القضية على اعتبار ان السلطة في حكم الساقطة ؟!.
ما زاد الطين بِلة قرار الكنيست شرعنة بناء المستوطنات في الضفة الغربية ، الذي شكلَّ ضربة قاضية لحل الدولتين،و أهال التراب على جثة اوسلو الذي يتغنى بها عباس وتلبسه مثل جلده،ثم جاء قانون حظر الآذان لإكمال دائرة التهويد و ليصب في يهودية الدولة العبرية بعامة،وإنكار الوجود العربي الاسلامي في القدس بخاصة.فالاحتلال كما هو معروف تاريخياً يصل قمة قهره لابناء الوطن الاصليين ليس بالمذابح وحدها،بل بالتضييق على معيشة السكان ومعتقداتهم لتهجيرهم ،بعدها يخطو خطوة ، خطوة نحو تدمير التراث الثقافي،وشطب اللغة،وحظر الكتابة و التخاطب بها،كما حدث في الاندلس سابقاً،ولاحقاً في الجزائر حيث فرضت فرنسا لغتها على الجزائريين ،على إعتبار الجزائر جزءاً منها ، بعدها تكر المسبحة من شطب اسماء شوارع،وتغيير مناهج،ودس افكار مسمومة تخدم سياساتها.
الرئيس المناضل في مواجهة هذا الهوان وقضم الارض التي لم يبق منها سوى 20%،سكت عن الكلام المباح،ولم يعد يُلوّح بالاستقالة كالعادة طلباً للشعبوية ،والتهديد بسحب الاعتراف بإسرائيل للفت انتباه امريكا ،والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمحاكمة مجرمي الكيان الاسرائيلي،بتهمة التطهير العرقي والتهجير الجماعي،وتجريف وطن من جذوره.ولكي لا نبخسه حقه،نسجل للرئيس خطوته التاريخية ، بـ لقاء " الملكة احلام " عليها السلام،و قيامه بجولة تفقدية لابطال اراب ايدول،وتهنئتهم بالانتصارات الباهرة على شاشة M.b.c..
من باب الألم الكاوي لا التشفي،نسأل الرئيس بكل حرقة ماذا بقي من العُمر ؟!. وماذا بقي من فلسطين ؟!. ولماذا لا تكون رحيماً،وتمارس الموت الرحيم برفع كمامات الاوكسجين عن خشم ( السلطة الخداج )التي لم تبرح غرفة الانعاش حتى تعري اسرائيل ؟!.ولماذا لا تفك صمغ الارتباط بالكرسي،وتدخل التاريخ من اوسع ابوابه كالرئيس سوار الذهب ؟!. محمود درويش شاعر الثورة الفلسطينية قال ذات نبؤءة شعرية كأنه يخاطبك :ـ ( ليس الوطن ارضاً،لكنه الارض والحق معاً. الحق معك و الارض معهم )...ونحن بدورنا نقول لك :ـ لِمَ لا تركب عاصفة فتح المقاومة التي بشرت بها من الكويت وتسترد باظافرك حقك ؟!. ولماذا لا تفضح دموية قادة الاحتلال / مجرمي الحرب في المحافل الدولية و انت صاحب اعدل قضية على وجه الارض ؟!. ماذا بقي لك و الخاتم العبري جواز سفرك في وطنك ؟!. راح عمرك،وعيونك لم تزل معلقة بكرسي يسير على بطارية يشحنها عدوك.
*** كذلك هو الآخر الرئيس بوتفليقة ـ اطال الله عمره و البسه ثوب العافية ـ .فمنذ شهور ما انفك ديوان الرئاسة الجزائرية يعلن ان الرئيس سيواصل رئاسته حتى عام 2019،وانه لا يوجد ما يمنعه،رغم ان وضعه الصحي،لم يعد مثل ما كان،لكن الرئيس قرر التضحية من اجل الشعب ـ تصوروا ـ و الاستمرار في الحكم. وكالة الانباء الجزائرية.هي الاخرى ما انفكت عن نفي موته مرات عديدة،وتأكيدها ان الرئيس ـ رعاه الله وحماه ـ رغم اصابته بجلطة دماغية،اثرت على قدرته على المشي والنطق ظل ذهنه متقداً... منطق غريب فالذي يشاك بشوكة في قدمه يتشوش تفكيره،فكيف بالذي تسد شرايين دماغه خثرة دموية .....ثم جاءت بعدها " وعكة الرئيس" ـ التسمية الرسمية لامراض الزعماء العرب المصابين بمرض الموت ـ وهي على وزن " نكسة 67 " حيث اصيب الرئيس بـ " التهاب رئوي حاد " بالتزامن مع عيد ميلاده الثمانين....لكن يا جبل ما يهزك ريح. فالرئيس قاهر الموت،وعزرائيل لا يجرؤ على الاقتراب منه.
اضافت الوكالة الجزائرية :ـ هذا المانع الصحي العارض،لم يمنع الرئيس ـ حفظه الله ـ، من متابعة الملفات اليومية بهمة ونشاط ،وانه يتمتع بكامل لياقته الصحية اما الاخبار الملفقة عن وفاته هي محاولة خسيسة للمس بامن الجزائر واستقراره،بينما سفير الجزائر في بيروت وصف مروجي شائعات موت بوتفليقة بانهم :ـ " يغارون من الجزائر،لما تتمتع به من امن و امان على مستوى المنطقة والعالم.وبدورنا ندعو من اعماقنا للقائد المناضل ان يحكم الشقيقة الجزائر لدورة خامسة وسادسة،وعاشرة لتستفيد من حكمته وخبراته الامة.
التلاعب بالصور،والتحايل على اللغة، و التمترس خلف ترسانة من العبارات الانشائية كما تفعل بالعادة وكالات الانباء العربية الرسمية المخزية،لا يغير من الحقيقة في شيء،خاصة بعد ثورة الاتصالات،وزرع كميرات التجسس الدقيقة في الحمامات،وتحت الجلد.الحق ان الحقيقة ما اعلنها الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الجزائري " إن من حق الرئيس عبد العزيز ـ الخلود للراحة ـ "،في رده حول تقارير تحدثت عن تدهور صحته،ولا ندري ما يقصد الامين بعبارة " الخلود للراحة " لانها حمّالة عدة معاني.ما يقلقنا مما سلف ذكره ان الامة المريضة تجرها خيول هرمة،لكن الاجابة المعضلة الى اين ؟!