تعديل قانون الأمن العام
حسناً فعل مجلس النواب الموقر والشكر له ولمجلس الأعيان اللذين توافقا أخيراً على رد التعديل المقترح بألّا يرّفع ضابطا (ضابط صف الذي لا يحمل شهادة التوجيهي)، وإنني بصفتي عضو سابق في هذا الجهاز العظيم الذي أجلّ وأحترم، فإنني أضيف إلى الأسباب التي أبداها مجلس الأمة وتوافقه عليها لرد التعديل، أنه ومن خلال الخدمة لمدة (32) عاماً والتجربة والاطلاع على تجارب دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال؛ فإن مهنة وحرفة الشرطة يكتسبها الفرد من خلال التدريب الجيد المتقن والتجربة والاطلاع على عادات وتقاليد المناطق التي يخدم بها الفرد، فليس لديهم هناك كلية أو جامعة تخرج ضبّاطاً بل ضباط صف (Police Officers)، متسلحين بمعرفة ترتقي مع ممارسة العمل والخدمة والتجربة حتى يصبح ضابطاً وبذلك تكون مهاراته وقدراته متسقة مع رتبته.
عندنا بالأمن العام فإن ضباط الشرطة المتواجدين بالخدمة وبالميدان هم خريجو جامعة مؤتة برتبة ملازم وهذا يحتاج إلى وقت طويل حتى يتعلم ويحترف مهنة الشرطة التي لا يكتسبها إلا بالميدان، والمشكلة أن رتبة ملازم لا تمكنّه من ممارسة بعض الوظائف التي هي من مجال أعمال ضباط الصف، أما الصنف الآخر فهم الذين جندهم الأمن العام جامعيين برتبة وكيل أو رقيب جامعي فإن هؤلاء ما أن يصبحوا برتبة ضابط حتى كانوا مبدعين ومتمكنين من عملهم، وتتسق رتبهم مع مسؤولياتهم، ولهم مقدرة عالية على إدارة الأعمال الشرطية بكل كفاءة واقتدار.
وإذا ما عدنا إلى سبعينات القرن الماضي فإنني ومن زملاء لي بنفس الدورة تدربنا على أعمال الشرطة والتحقيق من خلال ضباط صف أكفياء كانوا بالمراكز الأمنية لا تتعدى مؤهلاتهم الابتدائي أو الإعدادي في أحسن الحالات، ولا أغالي إذا قلت أن المدعين العامين في العاصمة والمحافظات كانوا يثقون بتحقيقاتهم وبدقتها ووضوحها بالمراكز الأمنية.
مرة أخرى شكراً لمجلس الأمة وأقول وأنا متأكد أن مهنة الشرطة بمعناها الوظيفي (مساعدي الضابطة العدلية) لا يمكن إتقانها بالعلم فقط، إنما بتراكم المعرفة والخبرات والخدمة الطويلة.الراي
* لواء متقاعد ونائب سابق