على بلاط نقابة صاحبة الجلالة..!
لا تعكس نقابة الصحفيين، بما تُمثّله من وعاء لحرية التعبير، حالة المصالح العامة لمنتسبيها، ولا هي تجسيد لكيان مهزوز أصابه الوهن بفعل وابل المناكفة والابتزاز أو المنفعة والاستجداء الذي أطاح بكينونتها، واعترى حالة الصحافة الأردنية في فترات، كان فيها الوطن أكثر احتياجاً إلى صوتٍ صحفيٍ حرّ نابع من وطنية عميقة حرّة.. وإلى صحافة تمتلك المعلومة وتدافع عن الحقيقة وترفع الصوت ذوداً عن مصالح الوطن، وتحقيقاً لرسالة الوفاء للرسالة.. رسالة صاحبة الجلالة على بلاط الوطن انطلاقاً من بلاط نقابة صاحبة الجلالة..!
النقابة حالة استثنائية بين النقابات المهنية، تمثل حالة التحرّر وصناعة الرأي العام، وتقود الحريّات إلى حيث يجب أن تُحافظ على مصالح الناس، وتُوقِف تجاوزات السلطة، أي سلطة، إذا ما حاد شخوصها عن الجادّة، أو حاول بعضُهم استمزاج حالة الحرية العامة والشخصية.. تلاعباً أو افتئاتاً أو استهزاءً أو استخفافاً..! ليأتي دور نقابة صاحبة الجلالة سيفاً على رقاب أولئك الذين يسعون إلى طمس الحقيقية، أو تزويرها، أو التشكيك بها، أو تهديد مَنْ يسعى إلى كشفها وإجلائها للناس..!
لقد غابت نقابة صاحبة الجلالة عن الدور، وغاب عنها الدور، وغابت بالمعيّة الصحافة الوطنية المسؤولة.. صاحبة الكلمة الحرّة التي لا تخضع لتهديد ولا لتأثير ولا لتوتير، فلا تبيع ولا تشتري إلاّ بما يخدم أداء رسالتها الوطنية الحرّة العظيمة، بعيداً عن أي مصالح شخصية أو جهوية أو عرقية أو فئوية أو حزبية.. فقط الرسالة بحرية وبسالة.
لا أعلم بماذا ولا كيف يمكن أن يفكّر مجلس النقابة الجديد، ولكني أفترض تفكيراً خارجاً على المألوف، تفكيراً يُعيد الألَق لصاحبة الجلالة.. دوراً ورسالةً ومسؤولية، ويُحرّك البوصلة باتجاه العودة إلى مربع القوّة حين كان للصحافة الأردنية، في فترات السبعينيات والثمانينات من القرن الفائت، ورغم حالة الحريات المشوبة، قوتها وتأثيرها وشخوصها الكبار الذين أنشأوا مدرسة صاحبة الجلالة ورعوها وأسّسوا منابرَ حرياتها نزعاً إلى الوطنية المخلصة، ونبذاً للشرذمة ونظرات الخوف أو نظرات الاستجداء والاستعطاء..!
ما كان لنقابة صاحبة الجلالة أن ترفع رأسها وأن تسير بعلياء فيما نرى مسؤولاً جباناً يُهدّد كاتباً أو صحفياً أو حتى مواطناً عادياً لمجرد التعبير عن رأيه المخالف لرأي ذلك المسؤول الخائف.. وما كان للنقابة أن تصمت فيما تُدَسّ في ثنايا بعض التشريعات مواد قانونية قمعية تحدّ من حرية التعبير، وما كان للنقابة أن تبتسم أمام حالة استجداء أو استعطاء مارسها صحفي أمام سلطة المال أو النفوذ مسيئاًَ لمكانة صاحبة الجلالة وقدرها..!
نقابة صاحبة الجلالة هي الأقوى بين نقاباتنا المهنية على مختلف الصُعُد، هكذا أفترض، ولكن واقع حالها يقول هذا.. سؤال أضعه أمام مجلس النقابة الجديد ليس للتفكير فحسب، وإنما لرسم استراتيجية حصيفة للعودة إلى مربع القوة والألق..!
[email protected]