لماذا مهارات علاج العقل والجسم ؟
هوا الأردن - عبدالله الرعود
لم أكن أعلم أنني أمتلك علاجاً ذاتياً أقوى وأنجع من أدوية الصيدلية التي أصرفها بوصفة بعد زيارة، أو قل زيارات كثيرة للأطباء، لتسكين آلام أو إخفاء أخرى أفرزها واقع مشحون بالحركة وحياة طافحة بالنزاع. ومثل كثير من الناس لم أكن أعرف حجم تنكري لذاتي وإهمالي لها في ظل الروتين اليومي القاتل المثقل بهموم ومشاكل الحياة، والمحشو بأخبار العنف والقتل داخلياً وخارجياً في إقليم ملتهب لا بارقة أمل في نفقه المظلم.
أقول هذا بعد دورة تدريبية عن علاج العقل والجسم دعيت لها، وذهبت وأنا شبه مقتنع أنها كغيرها من دورات كثيرة شاركت فيها، ولم يخطر ببالي أنها ستكون مختلفة، بل وتحمل كماً هائلاً من معلومات وحقائق أعرفها لأول مرة، بالرغم من أهميتها اليومية للنفس والعائلة والمجتمع.
منذ الجلسة الأولى للدورة استطاع الفريق المتخصص الذي قادها شدّي ونزعي من محيطي الذي كنت أعيش فيه، لأتعلم كيف أعود لذتي، وكيف تعود ذاتي المهملة لي.
التأمل والإسترخاء، والتحفيز الذاتي والتغذية الحيوية الراجعة، والرسومات، والاهتزاز، والتخيل، والتنفس النشط، والتأمل الغذائي (الأكل الواعي)، مهارات أخرجت تركة ثقيلة من الهموم والتوتر والقلق، تراكمت على مدى أعوام.
مهارات شاهدت فيها لأول مرة مشاعر تتفاعل وتتحرك وتشارك، بعضها حديث ولادة، وأخرى صعدت من قاع الذاكرة، رسمت بريشتها الناعمة إشارة البدء للتأثر والبكاء، والراحة والاسترخاء، والفرح والضحك، وصولا إلى التوازن وسيطرة العقل على الجسم، الهدف الرئيس للمهارات.
كانت حالة من وحي السماء، حضنت المشاعر، ثم تركتها تتمدد بكل طولها، وتعبر عن ذاتها.
ووسط روحانية وسكون، ومتابعة دقيقة وهادئة، يعيد ترتيبها شخص كان أقرب إلينا من أنفسنا.
كانت رئة تنفس بها من ضاق صدره، وكبر همه، وتفاقم قلقه وتوتره، وقطع التصحر شوطاً كبيراً في قارات روحه. مهارات كانت كريمة في عطاياها، ولّدت مشاعر ارتخت لها الأعصاب، وغطتنا طولاً وعرضاً، ولمسنا فيها مساندة صريحة لجوانب أخرى فيها روعة الحياة، وطمأنينية النفس ومصالحتها. شكراً لمعهد العناية بصحة الأسرة ممثلا بمديره الدكتور إبراهيم عقل، الذي أدخل تقنية جديدة هي الأولى من نوعها في الأردن، ودرّب عدداً كبيراّ من كوادره لتتعامل مع هموم وحساسية النفس في مجتمعاتنا، وتحاول إنقاذ ذوات خرجت بالجملة من مناطق مجاورة تمدد الموت على حوافها.
وشكراً لمركز علاج العقل والجسم في واشنطن برئاسة جيم غوردون، والفريق الذي قدم مهاراته بكفاءة عالية، ليندا كريستيز، وصابرينا، ومسرات.
وشكراً لفريق المركز في مكتب فلسطين، الدكتور جميل عبدالعاطي، والدكتور إبراهيم يونس، والسيدة سهام نصر، على كل إبداع صادق خرج من القلب إلى القلب.
وشكراً لفريق دفء المشاعر وصدقها، الذي رافقته طيلة أيام التدريب في مجموعتنا، هنا الزعبي، هيا البدري، وعبير البيك، وآيات ختاتنة، وعبير الدعجة، وشيراز النسور، ودعاء العمري، وهاجر سكارنة ، وبانة المعاني، ورؤى ماجد، ومعاذ القضاة.