الأمن والاستثمار
يزور جلالة الملك عبدالله الثاني مؤسسة أمنية مهمة هي الدرك وبعدها مباشرة ينطلق جلالته صوب مؤسسة إقتصادية مهمة أيضا هي هيئة الاستثمار.
ثمة رسالة مهمة في هاتين الزيارتين فنعمة الأمن والأمان مهمة للإقتصاد لكنها لا تكفي، إذ سيحتاج جذب الإستثمار وقبله الثقة بالبيئة الاستثمارية الى ما هو أكثر من ذلك بكثير.
دائما يقول الملك أن الوضع الأمني لا يقلقه طالما أن المؤسسات المسؤولة عن إستبابه تعمل بتناغم وتحكم عملها، وما على باقي أجهزة الدولة سوى استثمار ذلك بلا تقاعس وبلا إستدعاء العراقيل والأعذار.
الصورة العامة للإستثمار بما فيها من قوانين وتشريعات وإجراءات جميلة ودليل ذلك بدء تعافي مكانة الأردن في المؤشرات الدولية، لكن كما هي كل الأشياء فإن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال وتكون كافية لعرقلة الطموح وتشويه الصورة.
مهمة الهيئة العليا للإستثمار وقد حصلت على مظلة رفيعة المستوى بضمها حقيبة وزارية لا تقل مستوى عن وزارات السيادة هي خدمة المستثمر المحلي والعربي والدولي هي التأكد من أن السياسة الاقتصادية ملائمة وتتسم بالوضوح والاستقرار والأهم أن يرى المستثمر هذا كله في الإجراءات.
لا يحتاج المستثمر الى توجيه فهو يعرف أن يضع أمواله وليست من مهام الهيئة العليا للإستثمار إقتراح مشاريع ولا وضع خريطة استثمارية تأخذ صفة التوجيه أو التحديد فللسياحة وصناعة السينما أبوابها وللمشاريع الصغيرة والمتوسطة أيضا مؤسسات تعنى بها من ألفها الى يائها وهو ما يجب على الحكومة أن تهتم بتوحيد مظلتها، وليس من مهام الهيئة حصر المستثمر في قطاع دون غيره.
معايير المستثمر الذكي معروفة فهي تحقيق الربح والتوقعات الاستثمارية والمخاطر والظروف المحيطة بالاستثمار والسياسات الاقتصادية سعر الفائدة واستقرار التشريعات الضريبية والبنية التحتية والنمو الاقتصادي والإنفاق الحكومي وعجز الموازنة ومديونية الحكومة والرغبة في الربح وزيادة الطلب واتساع الأسواق والتقدم العلمي والتكنولوجي وتوفر الموارد البشرية المتخصصة
على الهيئة أن تجيب عن هذه الأسئلة، وقبلها سهولة الإجراءات، وإختصارها وقطع الطريق أمام الإلتفاف عليها بالبيروقراطية الزائدة عن الحد، خذ مثلا رديات الضريبة للمشاريع الإستثمارية المعفاة بموجب قانون تشجيع الإستثمار، والوقت الذي تستغرقه والمسافة التي تقطعها معاملاتها من مكتب لآخر ومن مديرية لأخرى تحت بند عدم الاختصاص والهدف فقط حشر المال لأطول فترة ممكنة لتصريفه في إلتزامات أخرى.
من يجب أن يعاني هو المسؤول الذي يتعين عليه أن يمتلك أسباب إقناع المستثمر بأن يستثمر وليس المستثمر الذي يريد أن يضع مالا في البلد.